بقلم أسامة غريب
يعتقد معظم الرجال أن المرأة لا تكتمل أنوثتها بغير أن تكون مطيعة حتى لو كانت لها ملامح كاترين دينيف وجسد مارلين مونرو. ومع هذا فإن النظر للرجال يكشف أن معظمهم لا يصح ولا يليق أن يكون هناك من يطيعهم، لأن هذا من شأنه أن يزيد من مساحات الوكسة فى المجتمع، لكنْ هناك رأى يقول إن نتائج الوكسة أرحم بكثير من نتائج الشقاق الناتج عن التمرد. ومن الواضح أن أصحاب هذا الرأى يستلهمونه من العلاقات بين الأفراد فى الجيوش، التى تقتضى الطاعة للرتبة الأعلى بصرف النظر عن أى نتائج.. لكن الأقل تشدداً يتساءلون: ومن قال إن الرجل هو صاحب الرتبة الأعلى؟ وهل مطلوب أن تكون المرأة مطيعة لرجل تافه، محدود القيمة لا يستمد أهميته إلا من الاستئساد عليها وإهانتها؟.. وتأتى الإجابة: وما الذى دعاها ابتداءً للارتباط برجل من هذا النوع؟ فيكون الرد: وهل وجدَتْ رجلاً محترماً وتمنعت؟ الحقيقة أن هذا النوع من الحوارات يُعقّد المسألة، خصوصاً أن بعض الرجال سيقولون إن هناك من النساء من تتزوج برجل محترم ملء هدومه ومع هذا بدلاً من أن تستظل بظله وتنطوى تحت جناحه، فإنها تسوق العَوَج وتتمرد عليه!.. لن نصل لنتيجة فى هذا الشأن، لأنه لن يوجد رجل يعترف بأنه هفيّة، كما لن توجد امرأة تُقرّ بأنها نمرودة. وغالباً ما تتصور المرأة فى الرجل الجحود، بينما يرى الرجل فيها بذور التمرد.
جحود الرجل أو ما تتصور المرأة أنه كذلك يدفعها لمعاقبته وهناك ألف طريقة لتأديب الرجل، والنساء لهن تراث قديم فى هذه الأمور يناقشنه عادة فى جلساتهن الخاصة، لكن عندما نصل لتلك المرحلة يكون الحب قد زال، والمودة والرحمة قد انتحرتا ولم تبق إلا مساحات مكشوفة من محاولات السيطرة، وهنا لا تعود المرأة فى نظره أنثى، لكن حيّة رقطاء. وبسبب تعقيدات الحياة وعدم سهولة التسريح بإحسان فإن البيوت قد تنطوى على تعاسة بلا حدود بين رجل يكره امرأته وامرأة تبادله الكراهية وفوقها الاحتقار.. ثم يظل الاثنان يدوران فى حلقة جهنمية من التربص المتبادل حتى يموت أحدهما أو تقتل الزوجة زوجها وتقطعه ثم تعبئه فى أكياس وتنثر أجزاءه فى أنحاء الحى. والمؤسف أن معظم الزيجات فى المجتمع هى من هذا النوع البائس، فإذا لم يكن ذلك واضحاً فلأن طرفى العلاقة مازالا يُكذّبان نفسيهما ويرفضان مواجهة الحقيقة!
يمكن للرجل أن يتعلق بامرأة ليست آسرة الجمال، كما يمكن أن يهفو قلبه إلى أخرى نصيبها من التعليم محدود أو ثالثة متواضعة اجتماعياً. يمكن له أن يقترن بأرملة أو مطلقة أو امرأة تكبره فى السن. يمكن حتى أن يغفر همسات الناس ودخانهم الذى يثيرونه حولها، لكنه أبداً لا يغفر العناد والتمرد ولا يقترب من صاحبتهما ما استطاع. وأما المرأة فإنها قد تقترن برجل يصغرها سناً أو برجل محدود الدخل أو متواضع اجتماعياً أو حتى قليل الثقافة، لكنها ترفض الرجل الخرونج.. اللهم إلا لو كان واسع الثراء!.
لكن مشكلة الرجل التى تزداد اتساعاً هى أنه عند كل ركن توجد امرأة متمردة، بينما مشكلة المرأة المتفاقمة أنه فى الركن المقابل يقبع رجل خرونج!.