توقيت القاهرة المحلي 18:22:43 آخر تحديث
  مصر اليوم -

جلال أمين

  مصر اليوم -

جلال أمين

بقلم - أسامة غريب

مازالت كتابات الدكتور جلال أمين، رحمه الله، تثير إعجابى. أذكر أنه تناول في سيرته الذاتية شيئًا استوقفنى، وأراه يفسر إعجابى وتقديرى لكتاباته منذ تعرفت عليه للمرة الأولى في «نحو تفسير جديد لأزمة المجتمع المصرى».. قال إنه يعتقد أن الكاتب الجيد أو الكتاب الجيد ليس هو الذي يضيف إلى معلوماتك أشياء جديدة لا تعرفها، وإنما هو الذي يؤكد لك ما كنت تعرفه من قبل.

وينطبق هذا في أوضح صوره على كتابات «أمين» نفسه، فهو يُحدثنى دائمًا عن أشياء أعرفها، ويقدمها بطريقة بسيطة، ومن ثَمَّ فقد وجدت في كتاباته ألفة، وحصلت معها على الونس الذي أحتاجه ليؤكد لى أننى لست وحيدًا. حدث هذا عندما قرأت كتابه «الدولة الرخوة»، وفيه تحدث عن النموذج اللبنانى كمثال واضح لغياب الدولة، وكيف أن مصر في زمن مبارك كانت تسير بسرعة في نفس الاتجاه، «ففى مجتمع غير منتج، وإنما يعتمد على أعمال الوساطة، لا يمكن أن أغتنى أنا وأنت في نفس الوقت، إذ لم يُنتج شىء جديد يمكننا اقتسامه، بل يكون ثرائى على حسابك وثراؤك على حسابى لأننا نتبادل السلع، ولا نصنعها، والأمر يتوقف على أينا أشطر من الآخر».

وحين كتب، منذ سنوات، عن أحد الأدباء من أصحاب الصيت العالى والمردود الأدبى الضعيف، وكيف أنه عبّر عما أشعر به تجاه كتابات هذا الشخص، وذلك على الرغم من هالة الضوء التي كانت تصوره أديبًا عالميًّا، لدرجة أن أدباء ونقادًا كبارًا كانوا يجاملونه ويمتدحونه بشكل مثير للدهشة.. فسّر جلال أمين الأمر بقوله إن المصريين «لديهم استعداد مدهش للصبر على المكاره، وعزوف عن مواجهة الأمر المعوج ووقفه عند حده، واستعداد للمجاملة حتى عندما تكون مكروهة وبالغة الضرر، ويزيد هذا الاستعداد عندما يكون الشخص المطلوب مجاملته أو الصبر عليه منتميًا إلى الشرائح الاجتماعية العليا وعضوًا من أعضاء الطبقة الممتازة». وقد أكدت لى الأيام صحة هذا الرأى، حيث أشخاص بلا قيمة يتم تقديمهم على أنهم مفكرون كبار رغم ثقل الظل وغياب الموهبة.

ولا أنكر أن بعض أسباب إعجابى بكتاباته تكمن في تسميته الأشياء بأسمائها، ففى كتابه «عولمة القهر» يستنكر تسمية ما بين الغرب والشعوب العربية والإسلامية بأنه صراع حضارات، فالأمر ليس صراعًا، وإنما هو اعتداء صريح عسكريًّا واقتصاديًّا وثقافيًّا معًا، كذلك عدم تردده في تبنى نظرية المؤامرة عندما يكون التآمر جلِيًّا، وعدم خشيته من شيوع الاستخفاف بمَن يؤمنون بهذه النظرية. ويُدهشنا الدكتور جلال حين يكشف عن نوع من الكذب ليس من السهل اكتشافه، وهو أن يكتب المرء عما لا يهمه حقيقة، وإنما يتظاهر فقط بأنه جدير بالتناول. وإلى جانب ما سبق، يتميز «أمين» في كتاباته بالمزج بين حياته الأسرية الخاصة وبين الأحداث والظروف التي مرت بها مصر.. وحتى بعيدًا عن سيرته الذاتية، التي نشرها في أكثر من عمل أدبى، فإن معظم كتاباته تتضمن هذا التناول الفريد للحدث الخاص تمهيدًا لأن يدلف منه إلى العام.. رحم الله جلال أمين.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

جلال أمين جلال أمين



GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 07:57 2024 الأحد ,21 تموز / يوليو

رصاصة النجاة

ياسمين صبري بإطلالات أنيقة كررت فيها لمساتها الجمالية

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 10:15 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

أفكار لتزيين واجهة المنزل المودرن والكلاسيكي
  مصر اليوم - أفكار لتزيين واجهة المنزل المودرن والكلاسيكي

GMT 07:24 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

دراسة توضح علاقة القهوة بأمراض القلب
  مصر اليوم - دراسة توضح علاقة القهوة بأمراض القلب

GMT 11:57 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

تامر حسني يكشف سبب تصميمه على كتابة أغانيه
  مصر اليوم - تامر حسني يكشف سبب تصميمه على كتابة أغانيه

GMT 18:46 2017 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

دار Blancheur تعلن عن عرض مميز لأزياء المحجبات في لندن

GMT 10:03 2020 السبت ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

طريقة عمل الفاصوليا البيضاء

GMT 04:45 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

الأمن المصري يكشف حقيقة اختطاف فتاة في منطقة "المعادي"

GMT 10:07 2020 السبت ,10 تشرين الأول / أكتوبر

الصحة: تسجيل 106 إصابات جديدة بـ كورونا و12 وفاة

GMT 11:56 2020 الخميس ,13 آب / أغسطس

7 أشكال غريبة لرفوف الكتب تعرفي عليها

GMT 17:04 2020 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

مستشار الرئاسة التركية ياسين أقطاي يوجه رسالة إلى مصر

GMT 08:00 2019 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سيات أتيكا 2020 في مصر رسميًا

GMT 03:29 2019 الثلاثاء ,25 حزيران / يونيو

داليا مصطفى تتعرَّض لعملية نصب وتُحذِّر الفنانين

GMT 08:30 2019 الأحد ,23 حزيران / يونيو

تصميمات "الفيونكة" تزيّن مجوهرات العروس في 2019

GMT 17:44 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

بلاغ ضد هالة صدقي بسبب فيديو "حثالة المجتمع"
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon