بقلم - أسامة غريب
إدريسا جاى اللاعب السنغالى الذي يلعب لنادى باريس سان جيرمان هو محور حديث الصحافة في فرنسا حاليًا لأنه اعتذر عن عدم أداء مباراة فريقه أمام موبلييه في الدورى الفرنسى. مدرب الفريق أعلن أن اللاعب غير مصاب وأن اعتذاره جاء لأسباب شخصية. طبعًا لم يعد خافيًا أن الأسباب الشخصية التي تحدث عنها بوكيتينو مدرب سان جيرمان هي أن إدريسا جاى ببساطة لم يرد المشاركة في مباراة تم تخصيصها لدعم المثليين، وفيها يتم إلباس اللاعبين فانلات بألوان قوس قزح تعبيرًا عن دعمهم ومساندتهم للشذوذ الجنسى. وقد نشرت وسائل الإعلام أن الاتحاد الفرنسى لكرة القدم يعتزم إجراء تحقيق مع اللاعب، الذي خالف التعليمات واتخذ لنفسه موقفًا يتسق مع مفاهيمه وقناعاته ورفض أن يدعم ما لا يؤيده أو يحبذه.
معنى هذا أن اللاعب لم يهاجم المثليين ولم يتخذ منهم موقفًا عدائيًّا، كما أنه لم يستنكر أن يتزوج الرجل بالرجل أو المرأة بالمرأة، لكن كل ما فعله أن نأى بنفسه عن مهرجان تأييد الممارسات الجنسية بين الشواذ!. لكن يبدو أن هذا لم يعد من حق أحد.. الحقوق أصبحت تتقرر على ضوء موافقتها للنمط العالمى الذي يُمرِّره أسياد العالم والمتحكمون فيه الذين يؤيدون أوكرانيا بلا تحفظ نتيجة تعرضها للعدوان لكن لا يقدمون شيئًا من إنسانيتهم هذه للفلسطينيين الذين يواجهون واقعًا رهيبًا وصل إلى الاعتداء من جانب السلطة الإسرائيلية على مُشيِّعين كانوا يوارون جثمان ابنتهم الثرى. وسائل الإعلام الغربية كلها تحدثت عن تعرض الشباب الذين حملوا النعش للضرب، لكنها لم تحدد لنا مَن الذي ضربهم!، كما أنها أذاعت قبل الجنازة بيومين أن الصحفية شيرين أبوعاقلة قد تعرضت للموت بالرصاص دون أن تجرؤ على التصريح بأن الجنود الإسرائيليين هم الذين استهدفوها عمدًا. ويبدو أنه مثلما أن الإعراب عن تأييد الضحايا الفلسطينيين أصبح يحتاج إلى شجاعة فائقة، فإن الموقف أصبح يحتاج إلى نفس الشجاعة إذا أردت أن يكون لك موقف محايد من موضوع المثلية، فالجميع أصبح يؤثر السلامة خشية أن يتعرض للاتهام بالتمييز وهو اتهام قد يقضى على المستقبل.. وها هو باتريك فييرا مدرب فريق كريستال بالاس الإنجليزى ينتقد لاعبه شيخو كوياتى لأنه تضامن مع إدريسا جاى في موقفه، ولم يكتفِ فييرا بهذا وإنما تطوع بإعلان دعمه جيك دانييلز (لاعب بلاكبول الذي أعلن مثليته قبل أيام).
لقد أصبح العالم مكانًا غريبًا يتعين عليك فيه أن تُبدى محبتك وسعادتك وتأييدك لمَن يمارسون اللواط دون أن يكون من حقك لا أقول أن تعلن موقفًا مخالفًا، ولكن الحياد والصمت إزاء هذا الموضوع لم يعد مقبولًا. من الطبيعى والأمر هكذا أن المرحلة القادمة لن يكفى فيها التأييد والدعم ولو من باب التقية، لكن قد يتم التأكد من إخلاصك للمثلية بأن تمارسها أنت أيضًا، وربما يطلبون منك أن تُحضر شهودًا على هذا خشية أن يكون ادّعاؤك من أجل الوجاهة والانخراط في عالم المتحضرين دون أن تكون مُحِبًّا للشذوذ الجنسى بحق!.