توقيت القاهرة المحلي 10:23:36 آخر تحديث
  مصر اليوم -

نتفلكس والاستعباط

  مصر اليوم -

نتفلكس والاستعباط

بقلم - أسامة غريب

توسعت في السنوات الأخيرة المنصات العملاقة لعرض الدراما بطريقة التدفق عبر الإنترنت «ستريمينج»، وعلى رأسها نتفلكس وأمازون، ثم لحقتها ديزنى وغيرها. ما زال التفوق حتى الآن هو لمنصة نتفلكس التي غزت العالم واقتحمت المنطقة العربية ومعها مفاهيمها وقيمها وأفكارها التي تسرى الآن بهدوء وثقة في تلافيف مخ الجمهور في كل مكان. المُتابع لنتفلكس يستطيع بسهولة أن يدرك التكنيك المستخدم لفرض الأفكار والمفاهيم، وهو تكنيك الاستعباط وتجاهل الحقائق على الأرض كما لو كانت غير موجودة.
على سبيل المثال تقدم الأعمال الدرامية لنتفلكس الزيجات بين رجل أسود وفتاة بيضاء أو العكس وكأنه أمر طبيعى مستقر في المجتمع الأمريكى منذ مئات السنين!.. لا يحدث أن نرى التناقض والصراع والرفض العائلى لمثل هذه الزيجات والمشكلات التي قد تحدث بين الزوجات والحموات نتيجة اختلاف لون البشرة.. هذا الصراع يختفى تمامًا، والاستنكار الذي تبديه عائلات كثيرة هناك لعلاقات كهذه يذوب بالمرة ويحل محله الوئام والسلام، ثم ينخرط المسلسل في قصته البوليسية وأحداثه اللاهثة فارضًا بالإلحاح على المُشاهد واقعًا يختلف عن الواقع الذي يعرفه ويعيشه.

المواطن الأمريكى يعى جيدًا أن التمييز ضد السود بسبب لون البشرة متجذر في المجتمع وتعبر عنه انتفاضات تحدث من وقت لآخر، بالذات عندما يتم قتل شاب أسود على يد الشرطة دون مقتضى، وكانت أشهر هذه الجرائم مؤخرًا ما حدث للأمريكى الأسود جورج فلويد عندما سُحق عنقه تحت ركبة رجل شرطة أبيض.

تتجاهل نتفلكس تعقيدات التنافر المجتمعى وتوحى بأن العنصرية انتهت من المجتمع. لا شك أن الحال الآن يختلف عما كان عليه في الستينيات عندما كان الأسود لا يزال لا يستطيع الجلوس في الحافلة في مقاعد البيض، وكذلك لا يستطيع أن يدخل دورة مياه عامة لا تخص السود، لكن التحسن الذي طرأ نتيجة نضال المجتمع لا يبرر القفز فوق الواقع الذي تقدمه نتفلكس وأخواتها.

تعيد هذه الأعمال الدرامية الجديدة إلى الذاكرة أفلامًا ومسلسلات تناولت هذه العلاقات مثل فيلم: خمّن.. من القادم على العشاء؟، الذي أنتجته هوليوود عام 1967 بطولة سبنسر تراسى وسيدنى بواتييه وكاترين هيبورن عندما فوجئ الأب والأم بأن الشاب الذي أحضرته ابنتهم إلى البيت ليتعرف على العائلة هو شاب أسود البشرة.. وطبيعى أن هذا الموقف كان له وقع الصاعقة على العائلة التقليدية المحافظة.

لكن نتفلكس تقوم هنا بتحريك العواطف والمشاعر والأعصاب بالاستباق، وتطرح نسقًا قيميًا تتمنى وتتوقع أن يسود في المستقبل، وهى تقدمه باعتباره انتصر واكتسح وفرض نفسه ولم يعد موضع تساؤل!.. لو كان الأمر يتعلق بقضية مثل التنمر العرقى والتمييز العنصرى لشكرنا منصة نتفلكس على تطوعها بلعب دور يقنع الناس بأن الأفكار التمييزية لا يصح لها أن توجد في الدراما وفى الحياة، لكن المشكلة أن هذه القدرة في السيطرة على العقول والإيحاء بالأفكار وغرس المعتقدات بنعومة ويسر تصبح شديدة الخطورة عندما توجه نحو قضايا أخرى ملتبسة وغير مفهومة ومنها مثلًا المثلية والمثليين، وهو موضوع حديثنا غدًا.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

نتفلكس والاستعباط نتفلكس والاستعباط



GMT 08:29 2024 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

الإجابة عِلم

GMT 08:25 2024 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

العرق الإخواني دساس!!

GMT 08:16 2024 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

وزراء فى حضرة الشيخ

GMT 08:05 2024 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

نجاة «نمرة 2 يكسب أحيانًا»!!

ياسمين صبري بإطلالات أنيقة كررت فيها لمساتها الجمالية

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 19:23 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

5 مدن ساحلية في إيطاليا لمحبي الهدوء والإسترخاء
  مصر اليوم - 5 مدن ساحلية في إيطاليا لمحبي الهدوء والإسترخاء

GMT 10:15 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

أفكار لتزيين واجهة المنزل المودرن والكلاسيكي
  مصر اليوم - أفكار لتزيين واجهة المنزل المودرن والكلاسيكي

GMT 23:46 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

انتعاشة فنية لـ حنان مطاوع بـ 3 مسلسلات وفيلم
  مصر اليوم - انتعاشة فنية لـ حنان مطاوع بـ 3 مسلسلات وفيلم

GMT 10:57 2020 الإثنين ,07 كانون الأول / ديسمبر

فوائد لا تصدق لقشور جوز الصنوبر

GMT 08:53 2020 الثلاثاء ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

إصابة زوجة محمد صلاح بفيروس كورونا

GMT 08:15 2020 الأربعاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

"حبيب نورمحمدوف" إنجازات رياضية استثنائية وإرث مثير للجدل

GMT 08:45 2020 الإثنين ,19 تشرين الأول / أكتوبر

القصة الكاملة لمرض الإعلامية بسمة وهبة الغامض

GMT 07:16 2020 الإثنين ,19 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الدواجن في مصر اليوم الإثنين 19 تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 09:50 2020 السبت ,10 تشرين الأول / أكتوبر

شقيقان بالإسكندرية يعانيان من مرض جلدى نادر

GMT 23:35 2020 الأربعاء ,16 أيلول / سبتمبر

بورصة تونس تقفل التعاملات على تراجع

GMT 01:08 2020 الأحد ,19 تموز / يوليو

طريقة عمل الشكشوكة التونسية

GMT 22:12 2020 الأحد ,21 حزيران / يونيو

أستون فيلا ينهار في ١١٤ ثانية أمام تشيلسي

GMT 23:30 2020 الجمعة ,05 حزيران / يونيو

السودان تسجل 215 إصابة جديدة بفيروس كورونا
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon