توقيت القاهرة المحلي 08:28:51 آخر تحديث
  مصر اليوم -

نتفلكس والاستعباط

  مصر اليوم -

نتفلكس والاستعباط

بقلم - أسامة غريب

توسعت في السنوات الأخيرة المنصات العملاقة لعرض الدراما بطريقة التدفق عبر الإنترنت «ستريمينج»، وعلى رأسها نتفلكس وأمازون، ثم لحقتها ديزنى وغيرها. ما زال التفوق حتى الآن هو لمنصة نتفلكس التي غزت العالم واقتحمت المنطقة العربية ومعها مفاهيمها وقيمها وأفكارها التي تسرى الآن بهدوء وثقة في تلافيف مخ الجمهور في كل مكان. المُتابع لنتفلكس يستطيع بسهولة أن يدرك التكنيك المستخدم لفرض الأفكار والمفاهيم، وهو تكنيك الاستعباط وتجاهل الحقائق على الأرض كما لو كانت غير موجودة.
على سبيل المثال تقدم الأعمال الدرامية لنتفلكس الزيجات بين رجل أسود وفتاة بيضاء أو العكس وكأنه أمر طبيعى مستقر في المجتمع الأمريكى منذ مئات السنين!.. لا يحدث أن نرى التناقض والصراع والرفض العائلى لمثل هذه الزيجات والمشكلات التي قد تحدث بين الزوجات والحموات نتيجة اختلاف لون البشرة.. هذا الصراع يختفى تمامًا، والاستنكار الذي تبديه عائلات كثيرة هناك لعلاقات كهذه يذوب بالمرة ويحل محله الوئام والسلام، ثم ينخرط المسلسل في قصته البوليسية وأحداثه اللاهثة فارضًا بالإلحاح على المُشاهد واقعًا يختلف عن الواقع الذي يعرفه ويعيشه.

المواطن الأمريكى يعى جيدًا أن التمييز ضد السود بسبب لون البشرة متجذر في المجتمع وتعبر عنه انتفاضات تحدث من وقت لآخر، بالذات عندما يتم قتل شاب أسود على يد الشرطة دون مقتضى، وكانت أشهر هذه الجرائم مؤخرًا ما حدث للأمريكى الأسود جورج فلويد عندما سُحق عنقه تحت ركبة رجل شرطة أبيض.

تتجاهل نتفلكس تعقيدات التنافر المجتمعى وتوحى بأن العنصرية انتهت من المجتمع. لا شك أن الحال الآن يختلف عما كان عليه في الستينيات عندما كان الأسود لا يزال لا يستطيع الجلوس في الحافلة في مقاعد البيض، وكذلك لا يستطيع أن يدخل دورة مياه عامة لا تخص السود، لكن التحسن الذي طرأ نتيجة نضال المجتمع لا يبرر القفز فوق الواقع الذي تقدمه نتفلكس وأخواتها.

تعيد هذه الأعمال الدرامية الجديدة إلى الذاكرة أفلامًا ومسلسلات تناولت هذه العلاقات مثل فيلم: خمّن.. من القادم على العشاء؟، الذي أنتجته هوليوود عام 1967 بطولة سبنسر تراسى وسيدنى بواتييه وكاترين هيبورن عندما فوجئ الأب والأم بأن الشاب الذي أحضرته ابنتهم إلى البيت ليتعرف على العائلة هو شاب أسود البشرة.. وطبيعى أن هذا الموقف كان له وقع الصاعقة على العائلة التقليدية المحافظة.

لكن نتفلكس تقوم هنا بتحريك العواطف والمشاعر والأعصاب بالاستباق، وتطرح نسقًا قيميًا تتمنى وتتوقع أن يسود في المستقبل، وهى تقدمه باعتباره انتصر واكتسح وفرض نفسه ولم يعد موضع تساؤل!.. لو كان الأمر يتعلق بقضية مثل التنمر العرقى والتمييز العنصرى لشكرنا منصة نتفلكس على تطوعها بلعب دور يقنع الناس بأن الأفكار التمييزية لا يصح لها أن توجد في الدراما وفى الحياة، لكن المشكلة أن هذه القدرة في السيطرة على العقول والإيحاء بالأفكار وغرس المعتقدات بنعومة ويسر تصبح شديدة الخطورة عندما توجه نحو قضايا أخرى ملتبسة وغير مفهومة ومنها مثلًا المثلية والمثليين، وهو موضوع حديثنا غدًا.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

نتفلكس والاستعباط نتفلكس والاستعباط



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 10:52 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
  مصر اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 10:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية
  مصر اليوم - واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية

GMT 11:07 2020 الجمعة ,24 كانون الثاني / يناير

سعر الذهب في مصر اليوم الجمعة 24 كانون الثاني يناير 2020

GMT 00:28 2019 الجمعة ,06 كانون الأول / ديسمبر

خالد النبوي يكشف كواليس تدريباته على معارك «ممالك النار»

GMT 14:08 2019 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج"الحوت" في كانون الأول 2019

GMT 00:09 2019 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

ارتدي جاكيت الفرو على طريقة النجمات

GMT 20:08 2019 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الحكومة تصدر 9 قرارات تهم المصريين "إجازات وتعويضات"

GMT 08:01 2019 الأربعاء ,09 تشرين الأول / أكتوبر

عرض فيلم "الفلوس" لتامر حسني أول تشرين الثاني

GMT 08:44 2019 الإثنين ,16 أيلول / سبتمبر

إنجي علي تفاجئ فنانا شهيرا بـ قُبلة أمام زوجته
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon