بقلم - أسامة غريب
نجحت الولايات المتحدة بمعاونة بريطانيا في استدراج الرئيس الأوكرانى إلى حرب مع روسيا سيكون الأمريكان هم الكاسب الرئيسى فيها بصرف النظر عن تطورات الحرب ونتائجها النهائية. وهناك شعور يتأكد لمن يتابع مجريات الأحداث أن رئيس الوزراء البريطانى يشعر بسعادة غامرة هذه الأيام، وأن حماسته وفرحته تزداد كلما اشتد أوار الحرب وطالت مدتها، بينما تنخفض معنوياته مع كل جلسة تفاوض بين الروس والأوكرانيين، خشية أن تسفر عن تقريب وجهات النظر مما قد يقود لإنهاء القتال.
ومع أن واشنطن هي اللاعب الرئيسى والكاسب الأكبر من هذه الحرب، فإن خبرة بايدن السياسية بالإضافة إلى قعود هِمّته يجعلانه أقل سعادة، أو هكذا يبدو مقارنة بالزعيم البريطانى الذي يكاد يفرغ مخازن بلاده من العتاد والذخائر لأجل شحنها إلى جبهات القتال عبر بولندا ورومانيا.
ويلاحظ في مسألة إمدادات الأسلحة إلى أوكرانيا أن الولايات المتحدة حرصت على تجميع السلاح السوفيتى من كل بلدان أوروبا الشرقية، التي تعتمد عليه منذ الحقبة السوفيتية وتقديمه إلى الجيش الأوكرانى الذي يعرفه جيدًا ويستخدمه أفضل من السلاح الغربى الذي يحتاج إلى شهور طويلة ودورات مكثفة قبل أن يدخل الخدمة بفاعلية.
وليست بلاد أوروبا الشرقية فقط التي تنقل السلاح من مخازنها، وإنما تم رصد طائرات النقل الأوكرانية العملاقة من طراز أنتينوف وهى تقلع من العراق وعلى متنها شحنات كبيرة من السلاح السوفيتى، ويمكن في هذا الصدد ملاحظة الضغوط التي مارسها الأمريكان على رومانيا وبلغاريا وبولندا والتشيك وسلوفاكيا ومولدوفا وكل البلاد التي اعتادت السلاح الروسى حتى تتخلى عما لديها من دبابات وبطاريات صواريخ إس300 وعربات مدرعة ومدفعية ميدان، مع وعد بتعويض ما ضحوا به بأسلحة أمريكية حديثة.. وهنا يتم ضرب أكثر من عصفور بحجر واحد، إذ تصل إلى الجيش الأوكرانى الأسلحة التي تدرب عليها ويتقن أفراده استعمالها، بالإضافة إلى فتح أسواق جديدة ومستمرة للسلاح الأمريكى، إذ إن الأسلحة الموعود بها أمريكيًا لن تكون بالمجان، فضلًا عن أن صيانتها وتجديدها والإمداد بقطع غيارها في المستقبل سوف تقتضى تعاقدات طويلة الأجل، وسوف تجعل هذه الدول تدور في الفلك الأمريكى كلية بعد أن كانت قبل الحرب توازن بين علاقات طيبة مع الغرب إلى جانب علاقات تجارية تاريخية مع روسيا.
يفعل الغرب هذا بعقل بارد من أجل استنزاف الروس، غير عابئين بالرد الروسى إذا ما هوجمت أراضيه، وهو رد سوف يماثل ما فعله الروس في الحرب العالمية الثانية عندما حاربوا الجيش النازى.. سوف يدمرون أوكرانيا ويجعلونها حطامًا ويحتلون أراضيها بالكامل حتى لو وصلت خسائرهم البشرية إلى الملايين، وهذا ليس غريبًا على الروس لو كان زعماء الغرب يعلمون.. وهم بالتأكيد يعلمون!