توقيت القاهرة المحلي 17:55:24 آخر تحديث
  مصر اليوم -

شبح عم الحاج

  مصر اليوم -

شبح عم الحاج

بقلم - أسامة غريب

إلى سنوات مضت، كان النداء الذى أسمعه إذا ما استوقفنى أحدهم بالشارع لأى سبب هو: لو سمحت يا كابتن. ثم بعد ذلك تسلل على استحياء نداء آخر صرت أتلقاه بين الفينة والفينة بعد أن أصبحت «أفندى» ببدلة هو: من فضلك يا أستاذ.. وظل الأمر يتأرجح ما بين يا كابتن ويا أستاذ، طبقًا لزاوية الرائى وتقديره لحالتى.

حتى كانت ليلة شكرنى فيها عامل محطة البنزين بعد أن نفحته بقشيشًا محترمًا قائلًا: شكرًا يا حاج!. تسمرت فى مكانى للحظات، ونظرت حولى أتأكد إذا كان الكلام يخصنى ثم حدثت نفسى قائلًا: ربما كان لا يعنى ما يقول أو أن هذا اللقب يمثل قمة التكريم فى محيطه. حاولت أن أفلسف الموضوع لكنى مع ذلك بدأت أتساءل: هل بدا علىّ التدهور واضحًا إلى هذا الحد؟ هل نالت منى الأيام ودخلت بى إلى هذه المنطقة التعسة؟ إن الأمر لا يتعلق فقط بالسن لأنه لو كان ينظر لى بتقدير لنعتنى بالبيه أو الباشا!.

ويبدو أن الزمن أراد أن يضاعف جراحى إذ بعد فترة استوقفنى شخص بالطريق يسأل عن مكتب البريد قائلًا: لو سمحت يا عم الحاج!.. يا إلهى.. لقد نعتنى الملعون بـ عم الحاج، ولا يعنى هذا سوى مزيد من التدهور. إننى لم أفق بعد من تداعيات «يا حاج» فإذا بى أجد نفسى وقد أصبحت عم الحاج.. يا لقسوة الأيام!. وجدتنى أسير فى الشارع متثاقلًا، محطم الخطوات، كهاربٍ ليس يدرى من أين أو أين يمضى. كانت مشكلتى أننى أعرف أن مرحلة «عم الحاج» تختلف اختلافًا بينًّا عن مرحلة «يا حاج» وهو اختلاف فى النوع وفى الدرجة أيضًا، ولا شك فى أننى أصبحت الآن رجلًا بركة لا يؤبه له ولا تخشاه القوارير أو حتى تتحسب لوجوده!.

أصبحت فيما تلا ذلك ميالًا إلى العزلة، وبدأت أشعر بالوهن يدب فى أوصالى، وزارتنى آلام المفاصل والظهر والرقبة، وعافت نفسى الطعام، وطالت جلستى بالمنزل وتحديقى بالسقف. كما ضبطت نفسى أشعر بالحنين إلى الماضى، وأجلس أمام «ماسبيرو زمان» ألتمس دراما الزمن الجميل. ليس هذا فقط، لكن أصبحت أميل للتحفظ بعد أن كنت أحب الضحك والدعابة، وصار كلامى رصينًا محسوبًا بدقة يليق برجل كُبّارة يقال له عم الحاج.

لكن لأن للأيام مفاجآتها اللطيفة فقد حدث ذات يوم أن تعطلت بى السيارة وتوقفت بالصدفة بجوار أحد المخابز المزدحمة، وعندما ترجلت منها لقيتنى رغمًا عنى أقف فى طابور العيش.. وبينما أجاهد للخروج بعيدًا اقتربت منى صبية حسناء كالغزال، ومن بين ابتسامتها الحلوة قالت لى: ممكن بعشرة جنيه عيش معاك والنبى يا كابتن؟ نظرت إليها غير مصدق ثم أخذت أردد بينى وبين نفسى: كابتن.. نعم أنا كابتن. بعد ذلك خضتُ غمار معركة طابور العيش من أجل عيون الغزال الذى أنصفنى وحتى أؤكد جدارتى بلقب كابتن وأطرد شبح لقب عم الحاج!.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

شبح عم الحاج شبح عم الحاج



GMT 12:21 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

التشكيل المنتظر امتحان حسان الأول

GMT 09:37 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

تفّوق إسرائيل التقني منذ 1967

GMT 09:34 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

قد يرن «البيجر» ولا يُجيب

GMT 09:29 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

لبنان... الرأي قبل شجاعة الشجعان

GMT 09:28 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

معضلة الحل في السودان!

GMT 09:25 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

الكشف عن مقبرة مطربي الإله آمون

GMT 09:23 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

مذاق الأيام المتبقية من عُمر السباق

ياسمين صبري بإطلالات أنيقة كررت فيها لمساتها الجمالية

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 10:15 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

أفكار لتزيين واجهة المنزل المودرن والكلاسيكي
  مصر اليوم - أفكار لتزيين واجهة المنزل المودرن والكلاسيكي

GMT 07:24 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

دراسة توضح علاقة القهوة بأمراض القلب
  مصر اليوم - دراسة توضح علاقة القهوة بأمراض القلب

GMT 11:57 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

تامر حسني يكشف سبب تصميمه على كتابة أغانيه
  مصر اليوم - تامر حسني يكشف سبب تصميمه على كتابة أغانيه

GMT 18:46 2017 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

دار Blancheur تعلن عن عرض مميز لأزياء المحجبات في لندن

GMT 10:03 2020 السبت ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

طريقة عمل الفاصوليا البيضاء

GMT 04:45 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

الأمن المصري يكشف حقيقة اختطاف فتاة في منطقة "المعادي"

GMT 10:07 2020 السبت ,10 تشرين الأول / أكتوبر

الصحة: تسجيل 106 إصابات جديدة بـ كورونا و12 وفاة

GMT 11:56 2020 الخميس ,13 آب / أغسطس

7 أشكال غريبة لرفوف الكتب تعرفي عليها

GMT 17:04 2020 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

مستشار الرئاسة التركية ياسين أقطاي يوجه رسالة إلى مصر

GMT 08:00 2019 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سيات أتيكا 2020 في مصر رسميًا

GMT 03:29 2019 الثلاثاء ,25 حزيران / يونيو

داليا مصطفى تتعرَّض لعملية نصب وتُحذِّر الفنانين

GMT 08:30 2019 الأحد ,23 حزيران / يونيو

تصميمات "الفيونكة" تزيّن مجوهرات العروس في 2019

GMT 17:44 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

بلاغ ضد هالة صدقي بسبب فيديو "حثالة المجتمع"
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon