توقيت القاهرة المحلي 20:07:56 آخر تحديث
  مصر اليوم -

أنت استراتيجي وأنا استراتيجي

  مصر اليوم -

أنت استراتيجي وأنا استراتيجي

بقلم - أسامة غريب

مات هنرى كيسنجر، بعد أن عاش مائة عام ينفث شرًّا. لم يكن الرجل عبقريًّا، لكنه استغل ضعف رئيسه نيكسون، وانفرد بالملفات، فلما أصاب في بعضها نجاحًا صوره البعض أسطورة سياسية وداهية أريبًا، وهو على أي حال غادر السلطة عام 1976، بعد مجىء كارتر، الذي اعتمد في المشورات السياسية على بريجنسكى.

مات كيسنجر في ذروة حرب جديدة اندلعت في قطاع غزة، فهل لو كان الرجل فاعلًا عند اندلاع طوفان الأقصى أكان يستطيع إنقاذ إسرائيل كما فعل عام 73؟.. ولا أقصد هنا فتح مخازن السلاح الأمريكية على مصراعيها، فهذا فقد حدث من خلال بايدن وبلينكن وأوستن، وإنما أقصد ما فعله بعد وقف إطلاق النار في نهاية أكتوبر 73.

كان السادات متلهفًا على مصادقة الأمريكان، وكان تقديره أن واشنطن يمكن أن تتخذه مسار مختلف في المنطقة، ولم تكن هذه التطلعات لتخفى على رجل مثل كيسنجر، فاستغلها أبشع استغلال لتحقيق مكاسب سياسية لا تتناسب مع ما حدث في ميادين القتال. عندما التقى كيسنجر وزيرًا للخارجية الأمريكية بالرئيس السادات، في أوائل نوفمبر، عقب سريان وقف إطلاق النار مباشرة، فإنه قدم للسادات ورقة بها ست نقاط، تمثل طلبات صهيونية، ذات سقف مرتفع.

اقترحتها إسرائيل بأمل الحصول على القليل منها، ولم تتصور جولدا مائير أن يوافق السادات عليها، غير أن الرئيس المصرى، بعد أن أشعل غليونه، ألقى نظرة سريعة على الورقة، ثم نحّاها جانبًا، واعتدل في جلسته، وقال لكيسنجر: هنرى.. دعك من هذا، أنت رجل استراتيجى وأنا رجل استراتيجى، ولهذا يجب ألّا ننشغل بالتفاصيل.. أنا موافق على كل ما في الورقة.. لنتحدث إذن في المهم!.

هذا الحوار السابق ورد في مذكرات الفريق الشاذلى، وذكره المشير الجمسى، في كتابه عن يوميات حرب أكتوبر، كما تطرق إليه محمد إبراهيم كامل، وزير الخارجية، الذي استقال أثناء المفاوضات في كامب ديفيد من هول ما رأى من تفريط!. كل مرة أقرأ فيها ما قاله السادات لكيسنجر فإننى أتذكر على الفور مسرحية «أنا فين وانتى فين» لفؤاد المهندس وشويكار عندما كان نظيم شعراوى يُوقِع بالأرامل والمطلقات، فيأخذ الواحدة منهن إلى مطعم الديك الذهبى.

وهناك يقول لها بتأثر بالغ: أنتِ وحيدة وأنا وحيد، أنتِ أرملة وأنا أرمل. نفس ما قاله السادات لكيسنجر: أنت استراتيجى وأنا استراتيجى، غير أن نظيم شعراوى كان يخدع السيدة من هؤلاء، ويستولى على ثروتها، بينما هنرى كيسنجر، الصهيونى الماكر، لم تفلح معه حيلة: أنتِ أرملة وأنا أرمل، لكنه تظاهر بالاقتناع، ثم نال موافقة السادات على ما لا يجوز.

ومضى به في سكة اللى يروح ما يرجعش، بعدما أدرك أن الرجل يريد أن يكون نجمًا على أغلفة المجلات الأمريكية، فقدم له ما أراد، وأطلقت عليه الميديا العالمية: نبى السلام، ثم توّجوه واحدًا من أشيك عشرة رجال في العالم، إلى جانب ألان ديلون وعمر الشريف!.. وفى المقابل حصل كيسنجر لإسرائيل على ما أرادت!. الله يسامح كيسنجر، ويكون في عون شعوبنا الغلبانة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أنت استراتيجي وأنا استراتيجي أنت استراتيجي وأنا استراتيجي



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 10:52 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
  مصر اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 16:28 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
  مصر اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 10:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية
  مصر اليوم - واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية

GMT 09:18 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامين سي يفتح آفاقا جديدة في علاج سرطان البنكرياس

GMT 08:28 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

غوتيريش يدعو مجموعة العشرين لبذل جهود قيادية لإنجاح كوب 29

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 01:54 2018 الأحد ,07 تشرين الأول / أكتوبر

أغنياء المدينة ومدارس الفقراء

GMT 09:59 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

نجوى كرم بإطلالات استثنائية وتنسيقات مبهرة في "Arabs Got Talent"

GMT 10:29 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

شريف مدكور يُعلن إصابته بفيروس يُصيب المناعة

GMT 12:37 2019 الأحد ,20 كانون الثاني / يناير

طبيب الأهلي يعلن جاهزية الثلاثي المصاب للمباريات
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon