توقيت القاهرة المحلي 20:07:56 آخر تحديث
  مصر اليوم -

أغلبية مجرمة

  مصر اليوم -

أغلبية مجرمة

بقلم - أسامة غريب

ربما يكون التأييد الغربى الجارف الذى حظى به العدوان الإسرائيلى ضد المدنيين العزل فى غزة قد صدمنا وكشف لنا أن مَن كنا نظنهم متحضرين هم فى غالبيتهم همج أوباش، ولقد كشف هذه الحقيقة منذ عشرات السنين عالِم النفس «ستانلى ميليجرام» عندما قام بإجراء تجربة فى جامعة «ييل» عام 1963 على عدد من المتطوعين الذين قبلوا المشاركة مقابل مبلغ مالى. تم إفهام المجموعة أن الهدف هو قياس أثر العقاب على التعلم، لكن كان الاختبار يهدف فعليًّا إلى معرفة إلى أى مدى يمكن أن يطيع الإنسان أوامر إجرامية وهل يمكن أن يشارك فى تعذيب برىء لا يعرفه؟.

تبدأ التجربة بعمل قرعة وهمية تسفر عن اختيار مشارك هو الذى سيقوم بالتعذيب بالصعق بالكهرباء فى مواجهة شخص آخر هو الذى يتلقى العقاب. وطبيعى أن متلقى العقاب لم يكن سوى ممثل يتظاهر بأن الصعقة تؤلمه. يقضى الاختبار بأن يقوم المشارك الذى يظن أن الشخص الآخر مشارك مثله بأن يوجه إليه سؤالًا، فإذا فشل فى إجابته يقوم بالضغط على زر لتوجيه صعقة كهربية له، وتمضى الأسئلة وتتصاعد معها قوة الصعقات التى تبدأ بـ45 فولت حتى تصل إلى أقصى صعقة وقوتها 450 فولت، بعدها تنتهى التجربة. أثناء التعرض للصعق غير الحقيقى كان الممثل يتظاهر بأنه يتألم ويصرخ، مستحثًا المشارك على التوقف، وكان المشرف يصدر أوامره لمَن يقوم بالتعذيب بألا يتوقف أو يستمع إلى الطرف الآخر، حتى وهو يدق بشدة على الحائط الذى يفصل بينهما. ومن الجدير بالذكر أن الممثل كان يشير فى كل المرات قبل بدء الاختبار إلى أنه مصاب ببعض المتاعب فى القلب.

كان العلماء المتابعون للاختبار قد توقعوا قبل إجرائه أن عدد واحد فى الألف من البشر قد يمضون فى الصعق المتصاعد حتى الوصول إلى أقوى صعقة عند 450 فولت، لكن النتيجة التى أرعبتهم أوضحت بعد نهاية الاختبار أن عدد الوحوش البشرية الذين أطاعوا الأوامر ومضوا يصعقون الممثل دون أن يعرفوا حقيقته حتى درجة 450 فولت كانوا 65 بالمائة من عدد المشاركين!.. فعلوا هذا وهم يتصورون أن ضغطتهم على الزر توجه صعقة حقيقية دون أن يبالوا بأن الشخص الآخر ضعيف القلب ودون أن تؤثر فيهم استغاثاته. كان المشاركون من كل الأعمار والفئات، ويتدرجون بين مَن أنهى تعليمه الثانوى حتى الحاصل على الدكتوراه، والعجيب أنهم فى غالبيتهم رضخوا لأوامر المشرف، وقلة منهم فقط مَن رفضت الاستمرار، وطلبت إنهاء الاختبار.

وفى تصورى أن القلة التى رفضت إكمال التجربة هم أجداد المتظاهرين الذين خرجوا فى المظاهرة المليونية بواشنطن الأسبوع الماضى تنديدًا بالعدوان الإسرائيلى الهمجى ضد غزة، كما أن الذين أكملوا التجربة وصعقوا شخصًا وهم يعلمون أن قلبه ضعيف هم أجداد الساسة ورجال الكونجرس غلاظ القلوب، الذين يرفضون وقف العدوان رغم علمهم بأن معظم الضحايا من الأطفال. للأسف، تعبر نسبة الخمسة وستين بالمائة الخاصة بالتجربة عن النسبة التقديرية للمجرمين فى هذه المجتمعات.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أغلبية مجرمة أغلبية مجرمة



GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 07:57 2024 الأحد ,21 تموز / يوليو

رصاصة النجاة

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 10:52 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
  مصر اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 16:28 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
  مصر اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 10:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية
  مصر اليوم - واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية

GMT 09:18 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامين سي يفتح آفاقا جديدة في علاج سرطان البنكرياس

GMT 08:28 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

غوتيريش يدعو مجموعة العشرين لبذل جهود قيادية لإنجاح كوب 29

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 01:54 2018 الأحد ,07 تشرين الأول / أكتوبر

أغنياء المدينة ومدارس الفقراء

GMT 09:59 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

نجوى كرم بإطلالات استثنائية وتنسيقات مبهرة في "Arabs Got Talent"

GMT 10:29 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

شريف مدكور يُعلن إصابته بفيروس يُصيب المناعة

GMT 12:37 2019 الأحد ,20 كانون الثاني / يناير

طبيب الأهلي يعلن جاهزية الثلاثي المصاب للمباريات
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon