توقيت القاهرة المحلي 17:55:24 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الإحساس قد يكون نقمة

  مصر اليوم -

الإحساس قد يكون نقمة

بقلم - أسامة غريب

كنت أسير بالشارع عندما مرت من أمامى سيارة نصف نقل مكتوب عليها من الخلف: الإحساس نعمة. من المألوف بالنسبة لسيارات نقل الأمتعة وعربات الميكروباص فى مصر أن يكتب صاحب المركبة عليها من الخلف مقولات يحبها ويراها منابع للحكمة أو مصدرًا للطرافة والظرف.. والحقيقة أن بعضها ينطبق عليه هذا فعلًا وبعضها الآخر سخيف ويعبر عن ذوق متدن. ومن المؤكد أننى لمحت هذه العبارة (الإحساس نعمة) كثيرًا على سيارات النقل، فهى شائعة بين السائقين.

وجدتنى أفكر فى العبارة متسائلًا: هل صحيح الإحساس نعمة أم أنه على العكس يمثل لعنة لصاحبه عندما يؤرقه ويفسد عليه حياته، وقد تتصاعد درجة الإحساس فترفع ضغط الدم عند الشخص الحسيس وتقضى عليه؟.

طاف بخيالى عدد من أصحاب الإحساس الذين قضوا نتيجة مواقف يمر أمثالها على غيرهم كل يوم دون أن تترك فيهم أى أثر. تذكرت الأديب محمد عبد الحليم عبد الله الملقب بأمير الرومانسية فى الأدب العربى، صاحب روايات: بعد الغروب وشمس الخريف وشجرة اللبلاب وغرام حائر وألوان من السعادة. هذا الرجل كان مرتبطًا بقريته فى محافظة البحيرة، وهناك بنى للعائلة بيتًا اعتاد أن يذهب إليه.

فى آخر زيارة له هناك وأثناء رحلة العودة إلى القاهرة بالأوتوبيس تعرض لموقف مؤلم لم يخطر له على بال، إذ إن السائق الذى كان جلفًا غليظًا وجّه للأديب الكبير إهانات فظيعة إثر خلاف عادى لم يكن يستحق السفالة التى تفوه بها فى وجه الرجل المهذب النبيل. لم يصدق عبد الحليم عبد الله نفسه ولم يحتمل رأسه كل هذه القسوة اللفظية من جهول غليظ لم يعرف إلى مَن كان يتحدث، فانفجرت شرايين دماغه وفاضت روحه إلى ربه فى مستشفى دمنهور فى منتصف عام 1970 وعمره 57 سنة.

تذكرت أيضًا الصحفى الأستاذ على حمدى الجمّال الذى عمل بالصحافة منذ أواخر الأربعينيات، وتقلد مناصب قيادية بأخبار اليوم ومن بعدها الأهرام التى أصبح رئيسًا لتحريرها عام 75. كانت ظروف رئاسته للتحرير سيئة، إذ إنها أتت فى فترة عصيبة كان فيها السادات قد أبرم صلحًا مع الإسرائيليين فوقفت ضده كل الدول العربية وشنت عليه الصحافة حملة تخوين خطيرة، وشارك الكثير من الكتاب والصحفيين المصريين فى الهجوم عليه وانتقاده.

كل هذا جعل الرئيس المصرى فى حالة غضب دائم وجعل أعصابه تنفلت فى كثير من الأحيان فتصيب حتى المقربين إليه، وقد تحمّل كل من دنا منه فى تلك الفترة جانبًا من آثار نوباته الانفعالية.. وكان من حظ رئيس تحرير الأهرام الأستاذ على الجمّال أنه تعرض لغضبة ساداتية عارمة قام فيها الرئيس بإهانته فى وجود جمع من رؤساء التحرير، لدرجة لم يستطع معها قلب الرجل أن يحتمل، وما أصعب الإهانة حينما لا نستطيع ردها.. مات فى نفس الليلة وفاضت روحه إلى بارئها فى 9 نوفمبر عام 79.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الإحساس قد يكون نقمة الإحساس قد يكون نقمة



GMT 12:21 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

التشكيل المنتظر امتحان حسان الأول

GMT 09:37 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

تفّوق إسرائيل التقني منذ 1967

GMT 09:34 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

قد يرن «البيجر» ولا يُجيب

GMT 09:29 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

لبنان... الرأي قبل شجاعة الشجعان

GMT 09:28 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

معضلة الحل في السودان!

GMT 09:25 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

الكشف عن مقبرة مطربي الإله آمون

GMT 09:23 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

مذاق الأيام المتبقية من عُمر السباق

ياسمين صبري بإطلالات أنيقة كررت فيها لمساتها الجمالية

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 10:15 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

أفكار لتزيين واجهة المنزل المودرن والكلاسيكي
  مصر اليوم - أفكار لتزيين واجهة المنزل المودرن والكلاسيكي

GMT 07:24 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

دراسة توضح علاقة القهوة بأمراض القلب
  مصر اليوم - دراسة توضح علاقة القهوة بأمراض القلب

GMT 11:57 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

تامر حسني يكشف سبب تصميمه على كتابة أغانيه
  مصر اليوم - تامر حسني يكشف سبب تصميمه على كتابة أغانيه

GMT 18:46 2017 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

دار Blancheur تعلن عن عرض مميز لأزياء المحجبات في لندن

GMT 10:03 2020 السبت ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

طريقة عمل الفاصوليا البيضاء

GMT 04:45 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

الأمن المصري يكشف حقيقة اختطاف فتاة في منطقة "المعادي"

GMT 10:07 2020 السبت ,10 تشرين الأول / أكتوبر

الصحة: تسجيل 106 إصابات جديدة بـ كورونا و12 وفاة

GMT 11:56 2020 الخميس ,13 آب / أغسطس

7 أشكال غريبة لرفوف الكتب تعرفي عليها

GMT 17:04 2020 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

مستشار الرئاسة التركية ياسين أقطاي يوجه رسالة إلى مصر

GMT 08:00 2019 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سيات أتيكا 2020 في مصر رسميًا

GMT 03:29 2019 الثلاثاء ,25 حزيران / يونيو

داليا مصطفى تتعرَّض لعملية نصب وتُحذِّر الفنانين

GMT 08:30 2019 الأحد ,23 حزيران / يونيو

تصميمات "الفيونكة" تزيّن مجوهرات العروس في 2019

GMT 17:44 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

بلاغ ضد هالة صدقي بسبب فيديو "حثالة المجتمع"
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon