توقيت القاهرة المحلي 14:12:03 آخر تحديث
  مصر اليوم -

القاهرة وفيينا

  مصر اليوم -

القاهرة وفيينا

بقلم أسامة غريب

عندما زرت أوروبا أثناء الإجازات الصيفية فى سنوات الجامعة كنت أتوقع أن تكون الفجوة بيننا وبينهم هائلة، وكنت أتصور أن مليون سنة ضوئية تفصلنا عنهم.. على الأقل فى مشروعات البنية الأساسية التى تعطلت فى مصر بفعل الحروب المتصلة. لكن أدهشنى عند الإقامة فى النمسا والتنقل بين عدة شقق فى مختلف أحياء مدينة فيينا أن جزءاً كبيراً من المدينة الأوروبية العريقة لا تعرف مساكنه الحمامات والدُش!.. إنما يعتمد الناس على الحمامات العامة التى تستلزم أن ينزل المرء من بيته ومعه حقيبة بها الليفة والصابونة والغيارات. وأستطيع أن أؤكد أن تكلفة الاستحمام منعت كثيرين من أن يلامس الماء والصابون أجسادهم لفترات طويلة.. وقد كنت أتغلب على هذه المشكلة بالتسلل خلسة إلى الفندق المجاور ثم الصعود إلى أى طابق حيث توجد حمامات عديدة لخدمة النزلاء خارج الغرف!. لم يقتصر الأمر على هذا فقط وإنما خلت معظم المساكن فى الأحياء القديمة من وجود دورة مياه بمرحاض داخل الشقة، ولكن كان يوجد تواليت عام بكل طابق يخدم كل شقق الدور!. ومازلت أذكر كم عانيت عند كل صباح من الطابور الذى كان يصطف ويقف به السكان، رجالاً ونساء، كل فى انتظار دوره. ولم تكن هذه المساكن كما قد يتصور البعض مخصصة للفقراء أو للطلبة الذين يعملون ببيع الجرائد مثلى، وإنما كانت الطبقة الوسطى من الموظفين تسكن معنا ويزاحمنا أفرادها فى طابور الكنيف الصباحى!. كانت هذه واحدة من صدمات الخروج الأولى خارج الوطن، ثم بعد ذلك اعتدت أشياء أخرى لا تقل غرابة.

وقتها، لم أستطع أن أمنع نفسى من عقد مقارنة بين القاهرة وفيينا.. كان هذا قبل الزمن الأسود لمبارك، حيث أصبح كل شىء فى زمنه عشوائياً خرباً. لكن زمان كانت البيوت بأحياء القاهرة الشعبية مثل الجمالية وباب الشعرية والدرب الأحمر نظيفة، وتحوى كل منها دورة مياه بحمام مهما تواضع نصيب سكانها من الدخل، وقد أخبرنى جيل الآباء الذين سكنوا مختلف أحياء القاهرة أنهم لم يعرفوا مساكن بدون دورات مياه وحمامات أبداً، ذلك أن شبكات المياه النقية والصرف الصحى كانت قد دخلت أحياء العاصمة منذ مطلع القرن العشرين.

ولا يعنى هذا بالطبع أننا كنا نتفوق على النمسا فى كل شىء، فقد كانت مدنها منظمة وأنيقة، وكانت تخطو نحو استكمال ما ينقصها بهدوء وثقة، فضلاً عن أن الريف المصرى كان ولا يزال يعانى من المشكلات التى تخلص منها البشر فى كل مكان.. لكن المثال السابق قصدت به أن أوضح أننا لم نكن بالسوء الذى كنا نتخيله عن أنفسنا، وأن المواطن فى مصر كان ينعم بأشياء يحسده عليها مواطنون يعيشون فى قلب أوروبا!.

واليوم لا أستطيع أن أمنع نفسى من التساؤل عن كيف استطاع مبارك وعائلته أن يوقفوا مسيرة التنمية والتحديث فى مصر، وأن ينهبوا مواردها ومعهم أصدقاؤهم من المنحرفين الذين صاروا مليارديرات؟!.

ألا لعنة الله على المجرمين الذين عطلونا كل هذه السنين وعلى من يحبهم ويفتقد إجرامهم ويمنع مساءلتهم ويرعاهم ويحميهم بدلاً من رعاية ضحاياهم!.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

القاهرة وفيينا القاهرة وفيينا



GMT 04:59 2024 الأربعاء ,03 تموز / يوليو

العروبة والوحدة

GMT 04:59 2024 الإثنين ,01 تموز / يوليو

ليت قومى يعقلون

GMT 06:42 2024 السبت ,22 حزيران / يونيو

وارد بلاد برة

GMT 23:52 2024 الثلاثاء ,18 حزيران / يونيو

مأمون الشناوي

GMT 03:14 2024 الجمعة ,14 حزيران / يونيو

الاتفاق العادل غير مطلوب

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 17:41 2024 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

أسلوب نقش الفهد الجريء يعود بقوة لعالم الموضة
  مصر اليوم - أسلوب نقش الفهد الجريء يعود بقوة لعالم الموضة

GMT 14:12 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

هجوم صاروخي من اليمن يستهدف وسط إسرائيل
  مصر اليوم - هجوم صاروخي من اليمن يستهدف وسط إسرائيل

GMT 11:06 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

يسرا تتفرغ للسينما بعد خروجها من دراما رمضان
  مصر اليوم - يسرا تتفرغ للسينما بعد خروجها من دراما رمضان

GMT 04:49 2018 الأربعاء ,12 كانون الأول / ديسمبر

"الأرصاد المصرية " تعلن عن درجات الحرارة المتوقعة الأربعاء

GMT 03:57 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

توماس توخيل يتوج بـ11 لقبًا قبل بداية مشواره مع منتخب إنجلترا

GMT 12:10 2021 الأحد ,24 كانون الثاني / يناير

صدام جديد بين مانشستر يونايتد وليفربول في كأس الاتحاد

GMT 12:38 2021 الأربعاء ,20 كانون الثاني / يناير

تفاصيل القبض على والد طفلة التعرية في الدقهلية

GMT 07:05 2021 السبت ,16 كانون الثاني / يناير

تعرف على أبرز 5 أسباب للشعور بالتعب طوال الوقت
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon