توقيت القاهرة المحلي 20:07:56 آخر تحديث
  مصر اليوم -

هل يكفي أنهم مسلمون؟

  مصر اليوم -

هل يكفي أنهم مسلمون

بقلم - أسامة غريب

كانت الدولة العثمانية توزع الظلم على ولاياتها بالعدل والقسطاس. لكن يلاحظ أن بلدانًا مثل أرمينيا واليونان وقبرص وبلغاريا وصربيا ورومانيا وجورجيا وغيرها من البلاد التي حكمها الترك يمتلئ تاريخها المكتوب وتراثها الشعبى بحكايات عن العسف الذي تعرضوا له على أيدى الولاة العثمانيين، وتراهم لا يذكرون هذه الفترة من تاريخهم إلا بحسبانها فترة حالكة السواد نالوا فيها قهرًا وظلمًا وعرفوا شظف العيش وبؤس الحياة. ويمكن تلمس ذلك كله من خلال الأدب والفن الذي تنتجه تلك البلاد وكذلك من خلال المواقف السياسية التي تعكس غضبًا مازال ماثلًا حتى اليوم.

وليس أَدَلَّ على ذلك من العداء التاريخى بين الأرمن وتركيا، التي يتهمونها بارتكاب إبادة جماعية ضد الشعب الأرمينى في نهاية الحرب العالمية الأولى. الأمر نفسه نلحظه في التوتر الدائم بين اليونان وقبرص حيال الأتراك بصرف النظر عن نظام الحكم في أي من الدول الثلاث. كل هذا طبيعى ومفهوم لأن هناك مرارات تظل عالقة على مدى الأجيال، وحتى لو زالت المرارات فهناك التاريخ الذي يتوارثه الأبناء فتتكون لديهم على ضوئه مشاعر وآراء ومواقف.

لكن غير الطبيعى وغير المفهوم هو موقف أهل الشرق الأوسط من العرب والمسلمين الذين تعرضوا لنفس الاحتلال ونالوا الكثير من الإساءات بشكل يفوق ما لقيه الأوروبيون، الذين كان لهم أنصار في روسيا وأوروبا الغربية يسبغون عليهم الحماية ويضطرون الدولة العثمانية إلى وضع القمع في درجاته الدنيا. أما بالنسبة للمسلمين فلم يكن العثمانيون يتورعون عن النهب الصارخ واستخدام الكرباج والوضع على الخازوق ضد مَن يعتبرونهم مخالفين!..

ورغم كل هذا فإننا نجد في بلادنا أنصارًا بعشرات الملايين لدولة الخلافة العثمانية، وهؤلاء يودون لو استطاع أردوغان أن يعيد نفس الدولة ليكونوا رعايا له. ويتناسون التاريخ الرهيب للاحتلال الذي دام خمسة قرون وفرض على البلاد الفقر والجهل والتكلس، حتى إن المطبعة لم نعرفها إلا مع قدوم الاحتلال الفرنسى عام 1798.

والحقيقة أنه ليس هناك من سبب لهذا الموقف المازوخى إلا لكون العثمانيين مسلمين!. يقبل الكثيرون في ديارنا المستعمر ويرحبون به مهما فسق وظلم مادام مسلمًا، ولهذا تجد الأرمن على سبيل المثال يذكرون حديث المذبحة ويجعلونه حيًّا في الأذهان عامًا بعد عام، بينما لا نجد أحدًا يتحدث عن مذبحة سليم الأول ضد أهل القاهرة، بعد أن غزاها عندما قتل في يوم واحد عشرة آلاف من المدنيين العزل ليوقع الرعب في أهل البلاد. وقد أسهم رجال الدين بنصيب وافر من أجل ترويج هذا الفكر، الذي يتسامح مع الغزاة ويتناسى جرائمهم، بل يدعو الناس إلى الدخول في طاعتهم ماداموا مسلمين. ومن المضحك أن هناك من أهلنا مَن يتحدث بفرح الآن عن انتصار أذربيجان في حربها ضد الأرمن، ومَن تنتابهم نفس مشاعر التعاطف مع ألبان كوسوفو المسلمين في مواجهتهم ضد صربيا، متجاهلين أن كوسوفو قد اعترفت بالقدس عاصمة لإسرائيل وأن أذربيجان هي أكثر الدول تعاونًا مع الدولة العبرية!.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل يكفي أنهم مسلمون هل يكفي أنهم مسلمون



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 10:52 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
  مصر اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 16:28 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
  مصر اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 10:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية
  مصر اليوم - واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية

GMT 09:18 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامين سي يفتح آفاقا جديدة في علاج سرطان البنكرياس

GMT 08:28 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

غوتيريش يدعو مجموعة العشرين لبذل جهود قيادية لإنجاح كوب 29

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 01:54 2018 الأحد ,07 تشرين الأول / أكتوبر

أغنياء المدينة ومدارس الفقراء

GMT 09:59 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

نجوى كرم بإطلالات استثنائية وتنسيقات مبهرة في "Arabs Got Talent"

GMT 10:29 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

شريف مدكور يُعلن إصابته بفيروس يُصيب المناعة

GMT 12:37 2019 الأحد ,20 كانون الثاني / يناير

طبيب الأهلي يعلن جاهزية الثلاثي المصاب للمباريات
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon