توقيت القاهرة المحلي 01:34:39 آخر تحديث
  مصر اليوم -

عبقرية الطوفان

  مصر اليوم -

عبقرية الطوفان

بقلم - أسامة غريب

نجحت إسرائيل على مدى سنوات في تصدير صورة عن نفسها بأنها وحش جبار لا يرحم، وأن أجهزتها الأمنية هي الأقوى في العالم، وسعت إلى أن يعتقد العرب أن لها ذراعًا طويلة تصل إلى أي مكان في الكوكب لمعاقبة مَن يغضب عليه قادتها. لطالما تساءلتُ وتساءل غيرى عن الدور الذي تقوم به قوات الأمن التابعة للسيد محمود عباس بالضفة الغربية.

إن النظرة السريعة تَشِى بأن هؤلاء الرجال، الذين كانت منظمة فتح تشن بهم الهجمات ضد إسرائيل، قد أصبحوا الآن يقفون حائط صد ضد العمليات الفدائية، وأن دورهم الأمنى يعمل لصالح حماية المستوطنات الإسرائيلية، ولطالما قرأنا وسمعنا عن اتهامات تطول هؤلاء الرجال بالخيانة وبيع القضية.. إلخ. لكن النظرة المتعمقة قد تصل بمَن يرصد الحالة الفلسطينية إلى نتيجة أخرى، وهذه النتيجة هي نفسها التي دفعت عددًا من الدول العربية إلى التطبيع مع إسرائيل، رغم عدم حل القضية الفلسطينية وعدم عودة الأرض السليبة.

ما أقصده هو أنه أصبحت هناك قناعة راسخة بأن إسرائيل وحش أسطورى لا يمكن منازلته أو مقارعته، وأن الممكن الوحيد إزاءه هو التعاون والتماشى مع ما يريده حتى نتجنب غضبه المصحوب بالموت والدمار.

وقد يمكننى أن أتصور أن هذه النظرة من جانب المُطبِّعين العرب ومن جانب فريق محمود عباس ترى أن الصراع بين الفلسطينى والإسرائيلى أشبه بجولة مصارعة أو ملاكمة بين طفل في السادسة من عمره وبين ملاكم شبيه بمايك تايسون أو جو فريزر. من الطبيعى أن هذه الجولة ستنتهى مع الثوانى الأولى بسحق الطفل الصغير وتثبيت تفوق المصارع الجبار.

لذلك فإن قناعتى هي أن المُطبِّعين مع إسرائيل ليسوا عملاء، وأن قوات الأمن في الضفة ليست خائنة، لكن أفرادها يعتنقون النظرية السابقة بأنه لا قِبَل لأحد بمواجهة المارد الشرير، وأن مَن يغامر سيحكم على نفسه وعلى مَن يحب بالفناء. لقد بِتُّ أعتقد أن كل رجل أمن بالضفة، وهو يمنع المقاومين من رد هجمات المستوطنين، إنما يؤمن بأنه يختار أخف الضررين، إذ إنه بذلك يحمى أسرته من الموت، وهو يرد أفراد المقاومة عن مهاجمة الوحش المنفلت.

لكل ذلك يجب النظر إلى طوفان الأقصى النظرة الموضوعية التي يستحقها هذا الحدث الكبير. لقد أثبت القتال أن إسرائيل ليست ذلك الوحش، الذي ينبغى مهادنته والتخلى عن الحقوق بغية حفظ النفس. إن رجال المقاومة نسفوا نظرية الطفل الفلسطينى الصغير في مواجهة المصارع الغشوم، وفى اعتقادى أن هذه هي أهم نتيجة للحرب الدائرة في غزة.

ولئن كان الفلسطينيون قد تكبدوا ثمنًا فادحًا من الدمار واستشهاد وإصابة عشرات الآلاف من النساء والأطفال، فإن الذي حصلوا عليه يستحق التكلفة الباهظة، التي مازالوا يدفعونها عن طيب خاطر. إن صمود المقاومة الفلسطينية، وتصدير اليأس والتمزق للمجتمع الإسرائيلى، مع إحداث آلاف الوفيات والإعاقات ما بين جنود العدو، قد أوضحت الصورة الحقيقية أمام مَن أرادوا شراء رضا الوحش من خلال التخلى عن الحقوق.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عبقرية الطوفان عبقرية الطوفان



GMT 08:29 2024 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

الإجابة عِلم

GMT 08:25 2024 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

العرق الإخواني دساس!!

GMT 08:16 2024 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

وزراء فى حضرة الشيخ

GMT 08:05 2024 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

نجاة «نمرة 2 يكسب أحيانًا»!!

ياسمين صبري بإطلالات أنيقة كررت فيها لمساتها الجمالية

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 19:23 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

5 مدن ساحلية في إيطاليا لمحبي الهدوء والإسترخاء
  مصر اليوم - 5 مدن ساحلية في إيطاليا لمحبي الهدوء والإسترخاء

GMT 10:15 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

أفكار لتزيين واجهة المنزل المودرن والكلاسيكي
  مصر اليوم - أفكار لتزيين واجهة المنزل المودرن والكلاسيكي

GMT 07:24 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

دراسة توضح علاقة القهوة بأمراض القلب
  مصر اليوم - دراسة توضح علاقة القهوة بأمراض القلب

GMT 23:46 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

انتعاشة فنية لـ حنان مطاوع بـ 3 مسلسلات وفيلم
  مصر اليوم - انتعاشة فنية لـ حنان مطاوع بـ 3 مسلسلات وفيلم

GMT 10:57 2020 الإثنين ,07 كانون الأول / ديسمبر

فوائد لا تصدق لقشور جوز الصنوبر

GMT 08:53 2020 الثلاثاء ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

إصابة زوجة محمد صلاح بفيروس كورونا

GMT 08:15 2020 الأربعاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

"حبيب نورمحمدوف" إنجازات رياضية استثنائية وإرث مثير للجدل

GMT 08:45 2020 الإثنين ,19 تشرين الأول / أكتوبر

القصة الكاملة لمرض الإعلامية بسمة وهبة الغامض

GMT 07:16 2020 الإثنين ,19 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الدواجن في مصر اليوم الإثنين 19 تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 09:50 2020 السبت ,10 تشرين الأول / أكتوبر

شقيقان بالإسكندرية يعانيان من مرض جلدى نادر

GMT 23:35 2020 الأربعاء ,16 أيلول / سبتمبر

بورصة تونس تقفل التعاملات على تراجع

GMT 01:08 2020 الأحد ,19 تموز / يوليو

طريقة عمل الشكشوكة التونسية

GMT 22:12 2020 الأحد ,21 حزيران / يونيو

أستون فيلا ينهار في ١١٤ ثانية أمام تشيلسي

GMT 23:30 2020 الجمعة ,05 حزيران / يونيو

السودان تسجل 215 إصابة جديدة بفيروس كورونا
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon