توقيت القاهرة المحلي 20:07:56 آخر تحديث
  مصر اليوم -

أحلام اليقظة الجميلة

  مصر اليوم -

أحلام اليقظة الجميلة

بقلم - أسامة غريب

يحفل التاريخ بأخبار الطغاة من نيرون وكاليجولا إلى بوكاسا وبينوشيه وصدام والقذافى، وهؤلاء على كل ما حازوه من جاه وسلطان وقدرة على فرض الإرادة لم يستغلوا سطوتهم هذه فى أى شىء نافع، وكل ما استطاعوا الحصول عليه هو التلذذ لرؤية الدماء النازفة والطرب لسماع أنّات الضحايا.

أحيانًا فى أحلام اليقظة أرى نفسى ديكتاتورًا مهيبًا، لكن ليس من النوع المؤذى، وإنما كنت سأفرغ شحنات التجبر فيما يسعدنى ولا يضر أحدًا. على سبيل المثال كنت سأقوم بإحضار فريق البولشوى بكامل هيئته وأستضيفه فى المسرح الكبير الذى سيمتلئ حتمًا بالآلاف من محبى الفنون الراقية، ولم أكن لأمنع أحدًا من الدخول، إذ ما جدوى أن يشاهد المرء عرضًا بديعًا مما تقدمه هذه الفرقة الروسية العظيمة وحده؟. إن جزءًا من الاستمتاع يكمن فى أن آلاف البشر يرون ما تراه ويشاركونك اللحظة الحلوة بدلًا من أن تأتى هذه اللحظة عليك وأنت حبيس نفسك لا تشعر بأحد ولا يشعر بك أحد.

لم أكن لأكتفى بالبولشوى، لكنى كنت سأشرع فى استدعاء أوركسترا برلين السيمفونى وأوركسترا فيينا أيضًا لأستمع منهما إلى مقطوعات بيتهوفن وشوبان وموتسارت وغيرهم من أساطين الموسيقى الكلاسيك، كما كنت سأجلب أيضًا أبرع راقصى التانجو من أمريكا الجنوبية، وأتركهم يقدمون أمامى إبداعاتهم الفنية الراقصة. وفى هذه السهرات كنت سأدعو أولئك الذين يُحرِّمون الفنون ويزعمون أن الموسيقى هى معازف الشيطان.. كنت لآتى بهم عنوة وأجعلهم يجلسون فى الصفوف الأمامية لأراهم وأستمتع برؤيتهم يتمايلون طربًا فى ادعاء ونفاق خوفًا من أن أستدعى السياف مسرور ليتعامل معهم لو أنهم أبدوا التأفف أو الضجر!. الجديد فى هذه السهرات هو أننى كنت سأصطحب معى صينية فتة كوارع بالخل والثوم مع حلة شوربة لسان العصفور يتوسطها أرنب مسلوق، بالإضافة إلى طبق ممبار كبير والكثير من المخلل. وكنت سأدعو أصدقائى ليجلسوا حولى ويشاركونى الأنس، وكنت لأستمتع برؤية السفرجية يفرشون لى المائدة ويضعون الطعام أمامى ثم يبتعدون مسرعين ليفتحوا لى مجال الرؤية قبل أن ينالهم غضبى.. وكنت سأشرب الشوربة بصوت مسموع، ولا أتردد فى أن أرفع السلطانية وأعب منها مباشرة بدلًا من الملعقة الخائبة.. كل هذا كنت سأفعله، بينما أتابع العازفين وأمضى معهم صعودًا وهبوطًا، ولن ينتهى العرض قبل أن أكون قد أتيت على صينية الفتة، والتهمت بعدها طبقين قمر الدين. وبالنسبة للذين يبدون الدهشة من أن يجمع شخص واحد بين حب البولشوى وحب الكوارع ولحمة الراس، فإنهم لا يستحقون عناء الرد عليهم لأنهم لم يخبروا الحياة الحقيقية بعيدًا عن كتب التنمية البشرية.. أما الذين يقولون لأنفسهم بصوت خفيض خشية أن أسمعهم: أمَا كان باستطاعة هذا الرجل أن يؤجل تناول الممبار لما بعد العرض؟، فإننى أقول لهم: وكيف يستمتع المرء بكونه من كبار الطغاة إذن؟، هل تريدوننى أن أقطع الرؤوس لأثبت لكم جبروتى يا قوم؟!.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أحلام اليقظة الجميلة أحلام اليقظة الجميلة



GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 07:57 2024 الأحد ,21 تموز / يوليو

رصاصة النجاة

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 10:52 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
  مصر اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 16:28 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
  مصر اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 10:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية
  مصر اليوم - واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية

GMT 09:18 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامين سي يفتح آفاقا جديدة في علاج سرطان البنكرياس

GMT 08:28 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

غوتيريش يدعو مجموعة العشرين لبذل جهود قيادية لإنجاح كوب 29

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 01:54 2018 الأحد ,07 تشرين الأول / أكتوبر

أغنياء المدينة ومدارس الفقراء

GMT 09:59 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

نجوى كرم بإطلالات استثنائية وتنسيقات مبهرة في "Arabs Got Talent"

GMT 10:29 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

شريف مدكور يُعلن إصابته بفيروس يُصيب المناعة

GMT 12:37 2019 الأحد ,20 كانون الثاني / يناير

طبيب الأهلي يعلن جاهزية الثلاثي المصاب للمباريات
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon