توقيت القاهرة المحلي 08:49:17 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ورقة لحمة

  مصر اليوم -

ورقة لحمة

مصر اليوم

  فتت الجلبة الصادرة من الفرن البلدى على الناصية انتباهى فاقتربت لاستجلاء الموقف. كان الرجل ينتفض من الغضب وهو يلوح بقبضته فى الهواء وعروقه تكاد تنفجر وهو يصرخ فى الفران القابع خلف طاولة الخبز يرص العجين ويدفع به للنار.قال الرجل: قل لى الحقيقة حتى أرتاح.. قل إنك أكلت اللحمة وقد أسامحك، لكن حكاية القطة هذه لا تنطلى علىَّ..كيف يمكن للقطة أن تأكل ورقة اللحمة وهى خارجة من الفرن، وأنّى لها أن تفتحها من الأساس؟. قال الفران وهو ينظر حوله فى خبث واضح: والله العظيم القطة هى التى أكلت اللحمة وليس أنا..كُف عن افترائك واتركنى فى حالى! التفت الرجل الذى بدا على هيئة الموظفين للناس التى تجمعت على الصياح وقال يُشهدهم: يا ناس يا هووه..ماذا حدث للدنيا؟ هل مات الشرف وانتحر الضمير؟ أنبوبة البوتاجاز فرغت وفشلت فى استبدالها، ولما كنت قد اعتزمت عمل ورقة لحمة بالفرن فلم أجد مفراً من العودة للأيام الخوالى حين كان الناس يودعون صوانى البطاطس والمكرونة بالبشاميل عند الفرن البلدى ليسويها. قمت بشراء قطعة لحمة موزة من عند الجزار يعلم الله أنها كلفتنى ربع راتبى ثم أحضرت البصل وحبة بطاطس مع فلفل ألوان وخلطت الجميع بالتوابل، ثم قمت بلف المشروع فى ورق الفويل ونزلت من البيت وسلمته لهذا الرجل. علا صوت الفران مؤمّناً على كلامه: مظبوط يا أستاذ..وهل أنكرتُ أنك أحضرت لى ورقة اللحمة؟ لكن المشكلة أن البسّة بنت الحرامية غافلتنى بعد أن أخرجتها من الفرن وأنشبت فيها أسنانها ثم حملتها ولاذت بالفرار..فما ذنبى أنا؟. قال أحد العقلاء فى محاولة لحل المشكلة موجهاً كلامه للفران: نحن نعلم أنك رجل أمين ولم تسرق اللحمة لكنك ملزم قانوناً بتعويض الرجل بصرف النظر عن الجانى. قال الفران اللص: وكيف أعوضه؟ أنا رجل غلبان على باب الله. رد صاحب اللحمة: وهل أنا أقف بباب أحد آخر؟ إن الله وحده عالمٌ بحالى ولا أريد أن أستفيض. قال الفران بعد أن أحس بالحصار: اسمع يا أستاذ..أنا مستعد أشترى لك رغيف لحمة راس وربنا يعوض علىَّ. نظر الموظف للناس وقسمات وجهه تتراوح ما بين الابتسام والأسى ثم ضحك طويلاً قبل أن يتوقف قائلاً: لقد حرمنى هذا الرجل من أكل اللحمة والآن يريد أن يعوضنى برغيف لحمة راس..هل تعرفون يا حضرات فلسفة لحمة الراس والفشة والطحال والممبار؟.. إنها محاولة عبقرية من الفقراء للتغلب على بؤسهم وإقناع أنفسهم بأنهم يأكلون الزَفَر بينما هم فى حقيقة الأمر يأكلون زبالة!..إن الأمر يا سادة لا يتعلق بورقة اللحمة وحدها على الرغم من أهميتها.. إنه لمن لا يعلم عبارة عن ترتيب سعيت إلى إنفاذه وقمت بالتحضير له منذ مدة طويلة.. بروتوكول قمت بإعداده داخل ذاتى يبدأ بدعوة زوجتى على الغداء وتناول ورقة اللحمة فى حديقة الأزهر ثم أخذها بعد ذلك والذهاب بها إلى حفل زياد الرحبانى، وأخيراً تمشية ليلية على الكورنيش نستعيد فيها أيامنا الماضية.. والآن اختل البرنامج بكامله ولم يعد قابلاً للتنفيذ.. هذا اللص كسر حلمى الصغير. قال الرجل كلماته الأخيرة ممزوجة بدموعه التى لم يستطع دفعها. فى نفس الوقت كان الفران يتناول من تحت البنك زجاجة سفن أب أخذ يرتشفها فى نهم ربما لأن ورقة اللحمة كانت من الدسامة بحيث احتاجت إلى مشروب مهضم!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ورقة لحمة ورقة لحمة



GMT 07:07 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

«الحياة الأبدية» لمقاتلي روسيا

GMT 07:02 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

ترمب... السنجاب المحارب!

GMT 07:00 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

الأولوية الإسرائيلية في الحرب على لبنان

GMT 06:58 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

تثمين العقلانية السعودية

GMT 06:56 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

من ينتخب الرئيس... الشعب أم «المجمع الانتخابي»؟

GMT 06:54 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

«أرامكو» وتحوّل الطاقة

GMT 06:52 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

بريطانيا: المحافظون يسجلون هدفاً رابعاً ضد «العمال»

GMT 06:50 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

اليوم التالي في واشنطن استمرارية أم انعطافة؟

إطلالات عملية ومريحة للنجمات في مهرجان الجونة أبرزها ليسرا وهند صبري

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 18:09 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

بانكوك وجهة سياحية أوروبية تجمع بين الثقافة والترفيه
  مصر اليوم - بانكوك وجهة سياحية أوروبية تجمع بين الثقافة والترفيه

GMT 08:32 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

غوتيريس "قلق جدا" لوجود قوات كورية شمالية في روسيا
  مصر اليوم - غوتيريس قلق جدا لوجود قوات كورية شمالية في روسيا

GMT 08:44 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

الأمم المتحدة ترد على إعلان إسرائيل إنهاء عمل الأونروا
  مصر اليوم - الأمم المتحدة ترد على إعلان إسرائيل إنهاء عمل الأونروا

GMT 09:38 2021 الإثنين ,20 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم الإثنين 20/9/2021 برج الحوت

GMT 00:05 2023 الثلاثاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الأهلي يستقر على التجديد لعمرو السولية

GMT 07:13 2021 الثلاثاء ,20 تموز / يوليو

جزء ثانٍ من فيلم «موسى» في صيف 2022 قيد الدراسة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon