توقيت القاهرة المحلي 06:13:14 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الفقر والضمير

  مصر اليوم -

الفقر والضمير

مصر اليوم

  الفقر لا يؤدي بالضرورة الى السخط والنقمة، ولكن التفاوت الصارخ بين الناس في مستوى المعيشة هو الذي يزرع الغضب.. وقد ساهم البث الفضائي في ادخال ملايين الفقراء كهوف الاحباط والكآبة بعد ان سمحت لهم قنوات التلفزيون برؤية ليس ما يحدث في الخارج فقط، بل رؤية كيف يعيش الآخرون في بلدهم ذاته.ولقد تمكن العبقري صلاح جاهين من رؤية تأثير الاعلانات التلفزيونية التي تروج للسلع والمنتجات والفيللات والمنتجعات الساحلية في المجتمع الفقير.. تلك الاعلانات التي تحوي دائماً فتاة حلوة مع السلعة المراد تسويقها.التقط جاهين هذا فقال في احدى رباعياته: ياللي نصحت الناس بشرب النبيت/مع بنت حلوة وعود وضحك وحديت/مش كنت تنصحهم منين يكسبوا تمن دا كله ولّا يمكن نسيت!.. عجبي. التفاوت الشديد في الدخول مع معرفة الناس واطلاعهم على أوجه الحياة المرفهة التي يعيشها غيرهم ساهما الى حد كبير في خلق الانسان معدوم الضمير، الانسان الذي يرحب بالكذب والغش والرشوة وأي وسيلة تدفع به الى مجتمع المنعّمين أو على الأقل تسد احتياجاته الأساسية.وهكذا تفسخ المجتمع بعد ان أصبحت الشهامة والنجدة والوفاء عبئاً ثقيلاً على صاحبها قد يؤدي الى تشريده وتجويع أبنائه.لكن ما دور الدين في حالتنا هذه؟ في الحقيقة ان ما حدث في المجتمع المصري يمثل حالة كلاسيكية يمكن تدريسها على مدى القرون القادمة.. لقد كانت الأدبيات الماركسية تتحدث عن الدين باعتباره مخدراً يدجّن الفقير ويجعله راضياً عن عذابه في انتظار الجنة ونعيمها في الآخرة، لكن الحالة المصرية في السنوات الثلاثين الأخيرة تدحض أفكار ماركس وتسخر منها، حيث ان التدين في المجتمع المصري لم يكن بمنزلة الأفيون الذي يجعل الناس ترضى بالمقسوم، اذ ان الذي يرضى بالمقسوم هذا هو انسان لم يفقد ضميره، أما في حالتنا هذه فغالبية الناس تخلت عن الضمير ولم ترض بالقسمة والنصيب وانما استجابت لدواعي السوق واكتسبت مهارات البقاء حتى أصبح الناس جميعاً تقريباً يسرقون الناس جميعاً!. وأصبح التدين يقوم بوظيفة خداع النفس لاقناعها بأن المرء وان كان يكذب ويغش ويخون ويطعن في الظهر الا أنه مازال يؤمن بالله ويؤدي فروضه فيصوم ويصلي ويكثر من رحلات العمرة.. وهذا من شأنه ان يخفف الشعور بالاثم ويمنح الشخص معدوم الضمير احساساً زائفاً بالرضا عن النفس وبالقرب من الله.. ومن حسن حظ هؤلاء ان خط انتاج للشيوخ والدعاة قد تم تدشينه فأخذ يطلق منتجاته في الأسواق، وهؤلاء عملوا على اثارة فزع الناس من الثورة أو الجهاد أو المطالبة بالحقوق، اذ ما حاجتنا الى كل هذا اذا كنا نستطيع ان نقلّب عيشنا بأي طريقة بما فيها تجارة العملة والعمالة للأمن وقبول الاكراميات، ثم فتح التلفزيون في المساء والاستماع الى الداعية اللطيف وهو يحكي لنا حواديت حلوة عن سير الصحابة والأنبياء.. مع رحلة العمرة آخر السنة التي سنكون فيها بصحبته شخصياً!.. أما غير المتدينين فقد كانوا أكثر صلابة وتماسكاً، فبينما فقدوا ضمائرهم أيضاً وأصبحوا فاسدين الا أنهم نجحوا في الاستغناء عن الداعية اللطيف! نقلاً عن جريدة "الوطن"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الفقر والضمير الفقر والضمير



GMT 14:06 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

لا فرصة للعرموطي برئاسة مجلس النواب

GMT 14:02 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

كيف نتحقق من الادعاءات؟

GMT 14:00 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

بلفور وما بعده.. سيناء ومستقبلها!

GMT 13:58 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

عنوان الدورى الاستثنائى!

GMT 13:54 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

نزيف البالطو الأبيض

GMT 10:32 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

اليوم التالي

GMT 10:31 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

الخيط الأميركي

GMT 10:30 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

هجرات جديدة على جسور الهلال الخصيب

إطلالات عملية ومريحة للنجمات في مهرجان الجونة أبرزها ليسرا وهند صبري

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 18:09 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

بانكوك وجهة سياحية أوروبية تجمع بين الثقافة والترفيه
  مصر اليوم - بانكوك وجهة سياحية أوروبية تجمع بين الثقافة والترفيه

GMT 08:32 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

غوتيريس "قلق جدا" لوجود قوات كورية شمالية في روسيا
  مصر اليوم - غوتيريس قلق جدا لوجود قوات كورية شمالية في روسيا

GMT 05:30 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان يطالب بتطبيق القرار 1701 بحرفيته دون إضافات أو تفسيرات
  مصر اليوم - لبنان يطالب بتطبيق القرار 1701 بحرفيته دون إضافات أو تفسيرات

GMT 09:38 2021 الإثنين ,20 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم الإثنين 20/9/2021 برج الحوت

GMT 00:05 2023 الثلاثاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الأهلي يستقر على التجديد لعمرو السولية

GMT 07:13 2021 الثلاثاء ,20 تموز / يوليو

جزء ثانٍ من فيلم «موسى» في صيف 2022 قيد الدراسة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon