توقيت القاهرة المحلي 06:05:07 آخر تحديث
  مصر اليوم -

سماح

  مصر اليوم -

سماح

أسامة غريب

ما أجمل السماح والصفح والغفران. هى أشياء من تحلى بها فقد مسه قبس من روح الله، الذى سمى نفسه العفو الكريم. السماح يجعل النفس أصفى والقلب أروق والروح أغنى، وقد قام العرب من قديم بتمجيد قيمة العفو عند المقدرة والحديث عنها باعتبارها من شيم الكرام أصحاب النفوس العالية. لا تكمن روعة السماح فقط فى أنه يعطى إنساناً الفرصة لأن يعود عن خطئه ويعمل على محوه، فيستعيد جدارته بالثقة، وإنما فى أنه يزيح عن كاهل صاحبه هماً ثقيلاً يحد من خطوه ويعوق قدرته على استعادة الإيمان بالناس. لكن مشكلة السماح أنه ليس سهلاً ويحتاج لقدر كبير من العزم والرقى النفسى.. فهو يتعارض مع رغبة بشرية طاغية ومحببة إلى نفوس البشر اسمها الانتقام. إن هناك من يقضى عمره كله سعياً وراء الثأر، وقد يخرج من داره ذات صباح ولا يعود إليها حتى ينهى المهمة ولو استغرقت سنين. يحتاج السماح إذن إلى طاقة روحية كبيرة تتغلب على لذة الانتقام.  لكن حتى إذا صفا القلب ولم تعد به رغبة فى الثأر، فإن عوائق أخرى تظل فى انتظار الراغب فى الصفح، منها نظرة الناس إليه.. فأغلبهم قد تأخذهم به الظنون إذا سامح فيعتقدون أنه ساوم على حقه أو قبض مقابل الإهانة!. وفى هذا الخصوص يمكن القول، إن المجتمعات التى تغلب عليها الروح القبلية يكون السماح فيها أكثر صعوبة، حيث يأخذ التفاخر أحياناً صوراً متطرفة، قد تضع المتسامح فى خندق الجبناء، وإن من أفضال الدولة الحديثة التى يعلو فيها القانون، أنها تجنب المواطن أن يأخذ ثأره بيده، فتجعل الشعور بالظلم أخف والقدرة على التسامح أكبر.  لكن فى كل الأحوال تظل هناك دائماً عوائق نفسية ومجتمعية تحول بيننا وبين السماح، فهناك الخوف من أنّ الطرف الآخر قد لا يفهم حقيقة موقفنا ويظن وراءه ضعفاً، فكيف لنا أن نضمن أن الأخ الذى نسامحه ونفتح معه صفحة جديدة سيتحلى بالفهم والتمييز وسيقابل موقفنا الجميل بالشكر والامتنان؟ من يدرى فربما صورت له نفسه أننا نقوم بمناورة أو نسعى للاقتراب، حتى يسهل علينا الانتقام وتسديد الضربة الموجعة. من معوقات القدرة على التسامح أيضاً بعض الأمثال الشعبية التى يعتنقها الناس ويظنونها دستوراً أبدياً يحكم حياتهم مثل مقولة، إن ما ينكسر لا يمكن إصلاحه، أو أن ذيل الكلب لا يمكن عدله.  تعمل هذه الأمثال فى الحقيقة على إغلاق نوافذ الرحمة فى القلوب وتدفع الناس إلى نبذ السماح خشية ألا يكون مجدياً، ومخافة أن تكون تضحيتهم ستذهب إلى من لا يستحقها. وقد يخشون أيضاً من أن شبح الماضى سيطاردهم ويفسد عليهم الحياة بصحبة من سامحوه، ولهذا قد يظلمونه بينما يكون قد تاب حقاً وندم على خطئه وعزم على التعويض عنه. جميلٌ السماح حقاً.. لكنه ليس سهلاً بالمرة. نقلاً عن جريدة " المصري اليوم "

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سماح سماح



GMT 14:06 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

لا فرصة للعرموطي برئاسة مجلس النواب

GMT 14:02 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

كيف نتحقق من الادعاءات؟

GMT 14:00 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

بلفور وما بعده.. سيناء ومستقبلها!

GMT 13:58 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

عنوان الدورى الاستثنائى!

GMT 13:54 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

نزيف البالطو الأبيض

GMT 10:32 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

اليوم التالي

GMT 10:31 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

الخيط الأميركي

GMT 10:30 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

هجرات جديدة على جسور الهلال الخصيب

إطلالات عملية ومريحة للنجمات في مهرجان الجونة أبرزها ليسرا وهند صبري

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 18:09 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

بانكوك وجهة سياحية أوروبية تجمع بين الثقافة والترفيه
  مصر اليوم - بانكوك وجهة سياحية أوروبية تجمع بين الثقافة والترفيه

GMT 08:32 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

غوتيريس "قلق جدا" لوجود قوات كورية شمالية في روسيا
  مصر اليوم - غوتيريس قلق جدا لوجود قوات كورية شمالية في روسيا

GMT 05:30 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان يطالب بتطبيق القرار 1701 بحرفيته دون إضافات أو تفسيرات
  مصر اليوم - لبنان يطالب بتطبيق القرار 1701 بحرفيته دون إضافات أو تفسيرات

GMT 09:38 2021 الإثنين ,20 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم الإثنين 20/9/2021 برج الحوت

GMT 00:05 2023 الثلاثاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الأهلي يستقر على التجديد لعمرو السولية

GMT 07:13 2021 الثلاثاء ,20 تموز / يوليو

جزء ثانٍ من فيلم «موسى» في صيف 2022 قيد الدراسة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon