توقيت القاهرة المحلي 18:05:47 آخر تحديث
  مصر اليوم -

التاريخ والأوهام

  مصر اليوم -

التاريخ والأوهام

مصر اليوم

ألم يحدث ان كنتَ بصحبة أحد الأصدقاء عندما شاهدتما موقفاً أو وقع أمام أعينكما حادث أو تعرضتما لمحاولة نصب أو رأيتما أي شيء مما يستحق ان يروى أمام أصدقاء آخرين؟.حاول ان تتذكر من فضلك.. عندما شرع صديقك في اليوم التالي وبمنتهى الحماس في رواية ما حدث أمام الشلة، هل تذكر الدهشة التي ارتسمت على وجهك والذهول الذي اعتراك وأنت تستمع الى صديقك يروي أحداثاً لم تحدث ويضيف مواقف جديدة من نسج خياله وينسب لنفسه أقوالاً وأفعالاً لم يقلها ولم يفعلها؟. كلنا مررنا بهذا، وأنا شخصياً كان لي صديق كلما خرجت معه عاد الى الشلة بقصص وأساطير نابعة من خروجنا معاً ومبنية على ما صادفناه فيها، ولا أنكر أنني كنت أشعر بالاضطراب وأنا أستمع الى أكاذيب تروى وقصص تُخترع، وفي الوقت نفسه لا أرغب في احراج صديقي الذي دخلت القصة الى رأسه من جهة ثم خرجت من الناحية الأخرى حدوتة جديدة تماماً ومغايرة للحقيقة!. في البداية كنت أظنه فشاراً من كبار الفشارين، ثم تبينت بعد ذلك أنه لا يكذب، هو يروي الحكاية كما يراها، ولو أراد ان يكذب ما حكى حواديته أمامي.. كان على الأقل سينتظر حتى أرحل ثم يأخذ راحته في الكلام لئلا يتعرض للحرج اذا ما كذّبته وحكيت للآخرين حقيقة ما حدث. في ظني ان بعض الناس.. لا.. الكثير من الناس تتصارع الأخيلة والتوهمات داخلهم طول الوقت وتتطاحن مع الوقائع والحقائق، ثم يستخلصون منها نتائج ترضيهم نفسياً وتشعرهم بالاشباع، فبعضهم على سبيل المثال يروي الموقف كما هو بالضبط مع تعديل بسيط هو ان ينحي البطل جانباً أو يعطيه كتفاً صغيراً ثم يقف مكانه ويحل محله ويصنع من نفسه الشخصية الرئيسية في الموقف، وبعضهم لا يسلب البطل حقه ولكن يقوم بتعديل في السيناريو فيدخل عليه بعض المحسنات والتوابل ويضيف له بعض الافيهات الكوميدية حتى يحدث التأثير المطلوب في السامعين، وفي كل الأحوال تكون الحقيقة هي الضحية.وعلى هذا فمن الممكن ان يشاهد عشرة أشخاص نفس الحدث ويرويه كل منهم على هواه فلا يعرف المستمع حقيقة ما حدث أبداً. ادراكي لهذه الأشياء جعلني أنظر للتاريخ وكُتبه ورواة أحداثه نظرة ملؤها الشك والريبة، فاذا كانت الأحداث التي وقعت أمام أعيننا بالأمس تأخذ بعد مضي 24 ساعة في مخيلة شهودها أشكالاً وألواناً جديدة، فما بالك بالحكايات المتواترة والمروية منذ مئات السنين، أيّ الأشكال يا ترى أخذت وأي المحسنات أدخلت عليها وأي الأشخاص عبث بها فلوّنها وشخبط عليها ومحا منها وأضاف اليها حتى وصلت الينا في صورتها الراهنة.. وعليها بنينا أهراماً في الخيال لأبطال قد لا يكونون أبطالاً، كما بنينا صوراً فظيعة لأنذال قد لا يكونون في حقيقتهم بكل هذه البشاعة!. الخلاصة.. التاريخ الذي نقرأه يصلح للاسترشاد فقط وتكوين فكرة عما حدث، أما حقيقة ما حدث فلا يعلمها الا الله وحده. وبالنسبة لكتب التاريخ المدرسي وخاصة التاريخ الحديث والمعاصر، فأستطيع ان أؤكد أنها كتب كاذبة بنسبة %99، وهي للغرابة نفس النسبة التي اخترعها الطغاة العابثون بالتاريخ في استطلاعاتهم واستفتاءاتهم وانتخاباتهم!.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

التاريخ والأوهام التاريخ والأوهام



GMT 09:03 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

شالوم ظريف والمصالحة

GMT 09:02 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

مسرح القيامة

GMT 09:01 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان... و«اليوم التالي»

GMT 09:00 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

لماذا توثيق «الصحوة» ضرورة وليس ترَفاً!؟

GMT 08:59 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

جهود هوكستين: إنقاذ لبنان أم تعويم «حزب الله»؟

GMT 08:57 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

الوجدان... ليست له قطع غيار

GMT 08:55 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

«فيروز».. عيونُنا إليكِ ترحلُ كلَّ يوم

GMT 08:54 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

ذكرى شهداء الروضة!

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 17:00 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

الإجازات الرسمية في مصر لعام 2025 جدول شامل للطلاب والموظفين
  مصر اليوم - الإجازات الرسمية في مصر لعام 2025 جدول شامل للطلاب والموظفين

GMT 11:07 2020 الجمعة ,24 كانون الثاني / يناير

سعر الذهب في مصر اليوم الجمعة 24 كانون الثاني يناير 2020
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon