توقيت القاهرة المحلي 18:40:32 آخر تحديث
  مصر اليوم -

حانة ديفارج

  مصر اليوم -

حانة ديفارج

أسامة غريب

أصبحت كلما قمت بمطالعة الصحف أو مشاهدة برامج الـ«توك شو» المسائية تذكرت مشهداً خالداً فى رواية «قصة مدينتين» للأديب الإنجليزى تشارلز ديكنز.. كانت تفاصيل المشهد تدور فى «حانة ديفارج» الواقعة بحى سان أنطوان فى باريس.. ذلك الحى الذى أبدع المؤلف فى تصوير مظاهر البؤس به فى ذروة أحداث الثورة الفرنسية. كانت الحانة التى تعج بالرعاع هى أحد المقار التى تدار منها الثورة.. وفى المشهد الذى رسمه «ديكنز» جلست مدام ديفارج على الأريكة بجوار زوجها، صاحب الحانة مسيو ديفارج، وانهمكت فى شغل الإبرة.. وبينما تقوم بهذا كانت تتوقف أحياناً لتقوم بإملاء زوجها مسيو ديفارج أسماء جديدة لمن حكم عليهم الغوغاء بقطع الرأس بالمقصلة، وكلما نسيت اسماً قامت تستعين بصديقاتها الموجودات معها بالحانة لتذكيرها، كانت أصوات الجالسين بالحانة تمتزج بنشوة الشراب الرخيص وهم يرددون صيحات أشبه بعواء الذئاب استحساناً لإضافة كل اسم جديد.. وكان هذا العواء مقدمة لعواء الجماهير المتعطشة للانتقام الذى تواصل فى ساحة الشعب؛ حيث نصبت المقصلة الرئيسية. كانت الثورة الفرنسية قد اندلعت فى صيف عام 1789 بعد أن ضج الناس من المظالم التى عانوها على يد النظام المستبد. تم الهجوم على سجن الباستيل رمز القهر والعذاب وخرج السجناء الأبرياء..عقب ذلك تم إعلان حقوق الإنسان والمواطنة، وعرف الناس فى العالم كله مبادئ الثورة الفرنسية الشهيرة «الحرية والإخاء والمساواة»، وبدأ الناس يأملون فى تنسم ريح الحرية. غير أن الثورات للأسف كثيراً ما التهمت جانباً من أبنائها فى غمرة انشغالها بالقصاص من الظالمين. فى ذلك الوقت كانت حياة الناس واقعة تحت رحمة الدهماء. يتراءى لى مشهد حانة ديفارج الذى رأيته بعين خيالى عندما قرأت الرواية الشهيرة التى قدمتها السينما عشرات المرات.. يتراءى لى ذلك المشهد عند قراءة بعض الصحف التى خلت من المهنية والموضوعية وامتلأت بالفبركة والأكاذيب واختلاق أخبار لا ظل لها من الحقيقة، حتى نستطيع القول بأنها صحف تخلو من أى صحافة (!) لكن تمتلئ بعواء الذئاب.. وكذلك عند مشاهدة بعض البرامج المسائية التى تكاد تتفجر عروق مقدميها وضيوفهم وهم يعوون ويصرخون ويبالغون فى الكذب والتدليس.. ويضيفون كل يوم أسماء جديدة يتمنّون وضع رؤوس أصحابها تحت المقصلة!. تكمن المأساة فى أن مسؤولى الصحف ومقدمى البرامج وكذلك معظم ضيوفهم كانوا هم أنفسهم أكثر من غيرهم إخلاصاً وتفانياً فى مسح الأرضيات وغسيل الصحون وكىّ الملابس وتلميع الأحذية فى بلاط نبلاء العهد البائد. هى حقاً حانة ديفارج بُعثت فى قلب القاهرة! نقلاً عن "المصري اليوم"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حانة ديفارج حانة ديفارج



GMT 09:03 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

شالوم ظريف والمصالحة

GMT 09:02 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

مسرح القيامة

GMT 09:01 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان... و«اليوم التالي»

GMT 09:00 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

لماذا توثيق «الصحوة» ضرورة وليس ترَفاً!؟

GMT 08:59 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

جهود هوكستين: إنقاذ لبنان أم تعويم «حزب الله»؟

GMT 08:57 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

الوجدان... ليست له قطع غيار

GMT 08:55 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

«فيروز».. عيونُنا إليكِ ترحلُ كلَّ يوم

GMT 08:54 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

ذكرى شهداء الروضة!

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 17:00 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

الإجازات الرسمية في مصر لعام 2025 جدول شامل للطلاب والموظفين
  مصر اليوم - الإجازات الرسمية في مصر لعام 2025 جدول شامل للطلاب والموظفين

GMT 11:07 2020 الجمعة ,24 كانون الثاني / يناير

سعر الذهب في مصر اليوم الجمعة 24 كانون الثاني يناير 2020
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon