توقيت القاهرة المحلي 18:05:47 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الزائر اليتيم

  مصر اليوم -

الزائر اليتيم

أسامة غريب

ذكرت الصحف فى معرض الحديث عن تدهور السياحة أن زائراً واحداً قام بدخول متحف أبوسمبل يوم 30 أغسطس الماضى، وأن حصيلة الخزينة فى هذا اليوم لم تزد على أربعة جنيهات ونصف دفعها هذا الرجل الوحيد ثمناً لتذكرة الدخول!.أثار الخبر شجون الناس وأحزانهم على أحوال السياحة التى تراجعت بشدة هذه الأيام، خاصة أن مدير المتحف المذكور أوضح أن الحالة لم تكن بهذا السوء أبداً حتى بعد مذبحة الأقصر الشهيرة عام 97. أما بالنسبة لى فقد كان من الممكن أن أكتفى بمصمصة الشفاه حسرة على السياحة المغدورة لو أن المتحف قد خلا من الزوار تماماً وأقفل أبوابه بالضبة والمفتاح، أما عندما يكون هناك زبون واحد فإن الخبر رغم كآبته قد فتح أمامى باباً للتأمل ووجدتنى أتساءل عمن يكون هذا الرجل الذى تجشم عناء الذهاب وحده لزيارة هذا المكان المهجور.. ومن أين أتى؟ فمن المعروف أن «أبوسمبل» تقع على بعد 240 كيلو متراً من أسوان، وهى ليست مدينة بها سكان وبيوت ومرافق وأبنية، إنما المعبد هو المعلم الوحيد بها الذى يجعلها تضج بالحياة نهاراً فى وجود السياح الذين تحملهم الطائرات والباصات ثم تنتظرهم حتى يفرغوا من الزيارة لتعود بهم إلى أسوان قبل هبوط الليل. من أجل هذا كانت دهشتى بالغة إذ إن الطيران إلى أبوسمبل متوقف وخطوط الأوتوبيس كذلك توقفت وشركات السياحة ليس لديها أفواج تذهب بها للمعبد.. فمن أين أتى هذا الرجل الهُمام الذى أضاء شمعة فى النفق المظلم؟ وأى ريح ألقت به فى هذه المنطقة وحده؟. الأمر الأغرب فى الموضوع أن المتحف لم يغلق أبوابه بسبب غياب الجمهور، إنما ظل هناك مدير وموظفون لقطع التذاكر ورجال أمن تواجدوا جميعاً من أجل هذا الرجل، وهذا لعمرى عجيب، ذلك أننا تعودنا هنا أن العروض السينمائية والمسرحية يتم إلغاؤها فى حالة قلة الجمهور، لكن يبدو أن حظ هذا الرجل كان كبيراً فسمحت له الأقدار بأن يتجول وحده داخل المعبد المهيب الذى بناه رمسيس الثانى ليخلد انتصاره فى معركة قادش، وأن يقف أمام أعمدته وتماثيله ونقوشاته دون أن يزاحمه أحد وأن يلتقط صوراً من جميع الزوايا ويجسّد فكرة العودة بالسياحة عشرات السنين للخلف عندما كان السفر والترحال من أجل الفرجة على الدنيا فى مقدور عدد محدود جداً من البشر هم المليونيرات، وذلك على العكس مما أصبح الحال عليه فى عصر الجماهير الغفيرة، على رأى الدكتور جلال أمين؛ حيث صار بإمكان ملايين البشر أن يقوموا برحلات سياحية بسهولة. على أى حال يبدو أن هذا الرجل الذى خرج من العدم ولا أعرف كيف وصل إلى أبوسمبل فى غياب الباصات والطائرات يستحق التحية والتكريم لأنه أشبه بحامل الراية فى الحروب الذى يدل وجوده على أن جذوة النضال ما زالت مشتعلة، كذلك قاطع التذكرة الوحيدة فى هذا اليوم حافظ على وجود السياحة فى تلك المنطقة ومنع المتحف من إغلاق أبوابه، ولعله يستحق أن نطلق اسمه على أحد الميادين أو أن تؤلف من أجله أغنية على غرار تسلم الأيادى! نقلاً عن جريدة "المصري اليوم"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الزائر اليتيم الزائر اليتيم



GMT 09:03 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

شالوم ظريف والمصالحة

GMT 09:02 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

مسرح القيامة

GMT 09:01 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان... و«اليوم التالي»

GMT 09:00 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

لماذا توثيق «الصحوة» ضرورة وليس ترَفاً!؟

GMT 08:59 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

جهود هوكستين: إنقاذ لبنان أم تعويم «حزب الله»؟

GMT 08:57 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

الوجدان... ليست له قطع غيار

GMT 08:55 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

«فيروز».. عيونُنا إليكِ ترحلُ كلَّ يوم

GMT 08:54 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

ذكرى شهداء الروضة!

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 17:00 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

الإجازات الرسمية في مصر لعام 2025 جدول شامل للطلاب والموظفين
  مصر اليوم - الإجازات الرسمية في مصر لعام 2025 جدول شامل للطلاب والموظفين

GMT 11:07 2020 الجمعة ,24 كانون الثاني / يناير

سعر الذهب في مصر اليوم الجمعة 24 كانون الثاني يناير 2020
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon