توقيت القاهرة المحلي 06:23:04 آخر تحديث
  مصر اليوم -

زحمة يا دنيا

  مصر اليوم -

زحمة يا دنيا

أسامة غريب

الزحام عدو السعادة، والمدن المزدحمة لا تمنح الإنسان سوى القلق والغثيان.. وقد فهم الحكماء أن هناك حيزاً يحتاجه الإنسان ومساحة من البراح لا غنى عنها ليستطيع الفرد فيها أن يمارس إنسانيته دون تطفل، وهو يعيش حياته، وافتقاد هذه المساحة، التى تتيح الخصوصية أحد الأسباب الأساسية لتعاسة البشر، وربما كانت الحياة فى الريف، حيث الحقول والخضرة الممتدة جالبة للسكينة كذلك الاستقرار بالأماكن الساحلية المطلة على البحر يمنح الخيال فرصة للانطلاق، لكن مع ذلك لا الريف ولا البحر فى بلادنا كافيان ليمنحا شخصاً الحق فى أن يجلس وحيداً إذا شاء دون أن ينقض عليه قريب أو زميل من أجل الدردشة دون مناسبة عن أدق تفاصيل حياته، التى اطلع عليها من جيرانه وزملائه فى العمل! وفى الحقيقة ليس أصعب على الإنسان من مواجهة أنفاس الآخرين طوال يومه فى الشوارع المزدحمة، وما أتعس من يعجز عن الحديث إلى صديق أو زميل دون أن يضطر إلى الهمس، وفى هذا الشأن يمكن النظر إلى أولئك الذين يعيشون بالأماكن العشوائية ذات المساكن المتلاصقة، التى تفصل بينها وبين بعضها سنتيمترات على أنها الجحيم بعينه، خاصة أنه فى بعض الأحيان تكون ستارة من قماش هى ما يصنع الحدود بين مساحة الواحد منهم ومساحة جاره!. ومن الطبيعى أن حقاً أساسياً تنص عليه الدساتير جميعاً يكون معطلاً فى ظروف كهذه، وهو الحق فى الخصوصية.. وأى خصوصية يمكن أن تتوفر عندما يخدم حمام واحد عشرات العائلات!. وليس الحيز المطلوب للسلامة النفسية هو الحيز المادى فقط، لكن يحتاج الإنسان أيضاً حتى فى الأماكن المتسعة إلى قدر معقول من الخصوصية. صحيح أن الإنسان حيوان اجتماعى لا يستطيع أن يسعد دون وجود الناس فى حياته، لكن هذا الوجود لا ينبغى أن يصل لدرجة الاقتحام حتى لو كانوا يعيشون فى قصور. غير أن المبالغة فى احترام الخصوصية فى المجتمعات التى قطعت أشواطاً بعيدة على صعيد حقوق الإنسان قد جعلت الناس فى أحيان كثيرة يدفعون ثمن هذه الحقوق من الشعور بالوحدة والانزواء، وهو ما قد يدفع أحياناً إلى الانتحار.. وقد شهدت بنفسى فى بعض عواصم الغرب مقاهى ومنتديات مفتوحة لتشجيع الناس على التعارف، مجتمعات ابتعد فيها الناس عن بعض، سعياً للحفاظ على المسافة الإنسانية المفترضة واللازمة، وربما أن هذا الصقيع النفسى هو ما يؤدى إلى أن بعضهم عندما يزور بلادنا التعيسة ينبهر ويحسد الناس على الحميمية. ومع ذلك تظل المساحة والحيز المناسبان شرطاً ضرورياً للسعادة.. والله أعلم. نقلاً عن "المصري اليوم"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

زحمة يا دنيا زحمة يا دنيا



GMT 06:23 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

الانتخابات الأمريكية!

GMT 06:21 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

هل توجد وطنيةٌ أمريكية؟

GMT 06:19 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

الانتخابات الأمريكية

GMT 06:18 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

تحف الأضرحة

GMT 14:06 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

لا فرصة للعرموطي برئاسة مجلس النواب

GMT 14:02 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

كيف نتحقق من الادعاءات؟

GMT 14:00 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

بلفور وما بعده.. سيناء ومستقبلها!

GMT 13:58 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

عنوان الدورى الاستثنائى!

إطلالات عملية ومريحة للنجمات في مهرجان الجونة أبرزها ليسرا وهند صبري

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 18:09 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

بانكوك وجهة سياحية أوروبية تجمع بين الثقافة والترفيه
  مصر اليوم - بانكوك وجهة سياحية أوروبية تجمع بين الثقافة والترفيه

GMT 08:32 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

غوتيريس "قلق جدا" لوجود قوات كورية شمالية في روسيا
  مصر اليوم - غوتيريس قلق جدا لوجود قوات كورية شمالية في روسيا

GMT 05:30 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان يطالب بتطبيق القرار 1701 بحرفيته دون إضافات أو تفسيرات
  مصر اليوم - لبنان يطالب بتطبيق القرار 1701 بحرفيته دون إضافات أو تفسيرات

GMT 09:38 2021 الإثنين ,20 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم الإثنين 20/9/2021 برج الحوت

GMT 00:05 2023 الثلاثاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الأهلي يستقر على التجديد لعمرو السولية

GMT 07:13 2021 الثلاثاء ,20 تموز / يوليو

جزء ثانٍ من فيلم «موسى» في صيف 2022 قيد الدراسة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon