توقيت القاهرة المحلي 18:40:32 آخر تحديث
  مصر اليوم -

مأساة البرادعى

  مصر اليوم -

مأساة البرادعى

أسامة غريب

فى فيلم «السقوط» الذى لعب بطولته مايكل دوجلاس، قام الممثل الأمريكى بدور موظف يحمل غضباً وحنقاً على المجتمع، بعد أن تم الاستغناء عنه وفصله من الوظيفة، فى الوقت الذى تركته فيه زوجته، ورحلت، ومعها طفلته. يخرج الرجل فى الصباح من البيت مرتدياً الحلة ورابطة العنق، لكن لا يدرى إلى أين يذهب. يقضى يوماً طويلاً يلتقى فيه بأخلاط متعددة من البشر، ويمر بمواقف عديدة لا تزيده إلا مرارة ويأساً. من ضمن من قابلهم فى طريقه صاحب أحد المحال، وكان فظاً غليظ القلب، ويحمل ازدراء عميقاً للبشر كشف عنه لصاحبنا الموظف عندما وجده يشاركه مشاعرالغضب تجاه النظام. فى التطور الدرامى التالى يطمئن صاحب المحل لصديقه الجديد، فيبوح له بكل شىء، ويخبره أنه من النازيين الجدد الذين يرون نظافة المجتمع لن تتحقق إلا باجتثاث الملاعين من المواطنين السود والآسيويين الذين يزاحمونه وأمثاله فى خيرات الوطن، ثم يأخذه من يده، ويكشف له عن مخزن الأسلحة داخل المحل، ويدعوه لانتقاء أى سلاح يشاء حتى يبدأ معه حملة التطهير المقدسة!. ومن الطبيعى أن الموظف يفزع من هذا التطور غير المتوقع، فيعتذر للرجل، ويفهمه أنه ليس نازياً مثله، ولئن كان غاضباً على السلطة حقاً إلا أنه لا يحتقر البشر. عندئذ يحل الغضب محل الوفاق، ويثور الرجل النازى على من تصوره حليفاً، فيشد وثاقه، ويقيده إلى الكرسى توطئة لذبحه!. هذا الفيلم الذى أنتج عام 93 شاهدته من جديد منذ أيام، فوجدت نفسى دون أن أقصد أربط بين الموظف الذى مثله مايكل دوجلاس وبين الدكتور محمد البرادعى. كلاهما شعر بالغضب، وكلاهما أعلن رفضه للنظام، وكلاهما صادف حلفاء يرفضون النظام مثله، وكلاهما توقف فى منتصف الطريق، بعد أن كاد يزل وهو على منحدر زلق، زادته الدماء المتخثرة زلاقة. مشكلة البرادعى فى رأيى تكمن فى أنه لم يوضح منذ البداية موقفه بالقدر الكافى، فظنت بعض الأجنحة المتشددة أنه من النازيين الجدد الذين يقطعون الرؤوس بدم بارد وهم يشربون الفودكا، فوضعوا ثقتهم به، وبنوا الخطط على أنه سيكون رادوفان كاراديتش المصرى.. فلما فاجأهم بأنه ليس كما يتصورون، ثارت ثائرتهم ضده، فاتهموه بالخيانة والتخابر وممالأة الأعداء، وطالبوا بمحاكمته وإعدامه!. وفى تصورى أن سفر البرادعى للخارج سيكون ذهاباً بلا عودة، لأنه لم يعد يطمئن إلى الحالة الجديدة، وأصبح يحمل خوفاً حقيقياً ممن كانوا يهتفون باسمه حتى الأمس القريب، ولعله يسأل نفسه الآن: كيف تصوروه هكذا وهو الرجل الحائز جائزة نوبل للسلام؟. مأساة البرادعى كما يراها حلفاؤه تكمن فى أنه رجل يحب الدَّح.. لكنه لا يتردد عندما يجدّ الجدّ فى أن يقول: أح!. نقلاً عن "المصري اليوم"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مأساة البرادعى مأساة البرادعى



GMT 09:03 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

شالوم ظريف والمصالحة

GMT 09:02 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

مسرح القيامة

GMT 09:01 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان... و«اليوم التالي»

GMT 09:00 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

لماذا توثيق «الصحوة» ضرورة وليس ترَفاً!؟

GMT 08:59 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

جهود هوكستين: إنقاذ لبنان أم تعويم «حزب الله»؟

GMT 08:57 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

الوجدان... ليست له قطع غيار

GMT 08:55 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

«فيروز».. عيونُنا إليكِ ترحلُ كلَّ يوم

GMT 08:54 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

ذكرى شهداء الروضة!

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 17:00 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

الإجازات الرسمية في مصر لعام 2025 جدول شامل للطلاب والموظفين
  مصر اليوم - الإجازات الرسمية في مصر لعام 2025 جدول شامل للطلاب والموظفين

GMT 11:07 2020 الجمعة ,24 كانون الثاني / يناير

سعر الذهب في مصر اليوم الجمعة 24 كانون الثاني يناير 2020
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon