توقيت القاهرة المحلي 22:47:19 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الخراف السعيدة

  مصر اليوم -

الخراف السعيدة

أسامة غريب

البشر درجات، هناك النوع الراقى والنوع متوسط الرقى، كما أن هناك النوع الرخيص. وليس الرقى ودرجته أو الرخص ومداه متوقفاً على الثروة أو ما يحوزه الإنسان من أدوات ووسائل تريحه وتمنحه وقت فراغ أكبر.. ولا متوقف على درجة تعليمه وحدود معارفه العامة، كذلك لا يتوقف على إيمانه أو كفره.. انتسابه إلى دين أو بعده عن المعتقدات الدينية. النوع الراقى من البشر هو الذى يستطيع أن يأكل ويشرب ويجد حاجته من الملبس والمسكن دون أن يضطر إلى الكذب كل يوم. وهذا النوع لا يصدف أن يوجد إلا فى المجتمعات التى تدعم الصدق وتكافئ عليه. وللأسف فإن بلادنا العربية ليس بها من هذا النوع إلا النذر اليسير، أما معظم البشر الذين تنتجهم مجتمعاتنا فكذابون بالفطرة.. كذابون من المهد إلى اللحد. البيت يعلمهم الكذب حتى يضمن لهم السلامة، والمدرسة تعلمهم الكذب حتى تضمن لهم التفوق، والإعلام يعلمهم الكذب من أجل ألا يتعرضوا للأذى. هكذا هو الأمر حتى إن الناس أصبحوا يقدمون ما يسمى الكذب الاستباقى.. وعلى سبيل المثال فهناك من تسأله: ماذا فعلت بالأمس؟ فيحكى لك أشياء مغايرة تماما لحقيقة ما فعله، وذلك على الرغم من أن الإجابة الحقيقية لا تتضمن ما يسوء ولن تكون مزعجة لأى أحد.. لكنه يكذب على سبيل الاحتياط، لأن التجربة علمته أن الصدق فى الغالب ضار وغير مطلوب! ومن الطبيعى أن الذين يعيشون حياة من هذا النوع.. أى النوع الذى يرفل صاحبه فى الكذب هم تعساء من الداخل ويحملون اكتئاباً داخلياً وأمراضاً نفسية لا أول لها ولا آخر.. هذا هو الطبيعى والمفترض، لكن يؤسفنى أن أقول إن هذا ليس صحيحاً على الدوام، فالكثير من المجتمعات قليلة الحظ من الصدق والصراحة، المجتمعات التى يردد الناس فيها الأكاذيب ليل نهار ليست بالضرورة مجتمعات مكتئبة ولا مأزومة ولا تقف على حافة الغضب والثورة ولا تحلم بالتحرر والانعتاق والدخول فى منظومة المجتمعات الراقية التى يستطيع المرء فيها أن يعيش وينتج ويشارك فى مستقبل وطنه بجدية وفاعلية. التجربة دلت على أن هناك مجتمعات كذابة وسعيدة فى الوقت نفسه، وأهلها لا يجدون غضاضة فى ترديد وعيش الأكاذيب. وإذا كنا قد تحدثنا عن مجتمعات راقية وأخرى متوسطة الرقى وثالثة وضيعة فإن التفريق لا بد أن يكون واضحاً بين المجتمعات الكذابة التى اكتأب أهلها وامتلأوا بالغضب بفعل القهر وبين المجتمعات التى تمارس الكذب بسعادة.. إذ إن الأولى تدخل ضمن التصنيف وتعتبر مجتمعات رخيصة أما الثانية التى لا يحزن ولا يكتئب الناس فيها بفعل الكذب فمكتفون بالطعام الجيد وأجهزة تكييف الهواء فهى خارج هذا التصنيف البشرى تماماً وانتماؤها الحقيقى إنما يكون لعالم الحيوان حيث القردة والماعز والخراف السعيدة! نقلاً عن "المصري اليوم"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الخراف السعيدة الخراف السعيدة



GMT 14:06 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

لا فرصة للعرموطي برئاسة مجلس النواب

GMT 14:02 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

كيف نتحقق من الادعاءات؟

GMT 14:00 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

بلفور وما بعده.. سيناء ومستقبلها!

GMT 13:58 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

عنوان الدورى الاستثنائى!

GMT 13:54 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

نزيف البالطو الأبيض

GMT 10:32 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

اليوم التالي

GMT 10:31 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

الخيط الأميركي

GMT 10:30 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

هجرات جديدة على جسور الهلال الخصيب

إطلالات عملية ومريحة للنجمات في مهرجان الجونة أبرزها ليسرا وهند صبري

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 02:55 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أبرز قصات فساتين الزفاف الهالتر الرائجة في 2025
  مصر اليوم - أبرز قصات فساتين الزفاف الهالتر الرائجة في 2025

GMT 18:09 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

بانكوك وجهة سياحية أوروبية تجمع بين الثقافة والترفيه
  مصر اليوم - بانكوك وجهة سياحية أوروبية تجمع بين الثقافة والترفيه

GMT 08:32 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

غوتيريس "قلق جدا" لوجود قوات كورية شمالية في روسيا
  مصر اليوم - غوتيريس قلق جدا لوجود قوات كورية شمالية في روسيا

GMT 21:27 2024 الخميس ,24 تشرين الأول / أكتوبر

محمد صلاح خارج سباق المنافسة على جائزة أفضل لاعب أفريقي

GMT 07:36 2024 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

ياسمين صبري تتألق بالقفطان في مدينة مراكش المغربية

GMT 13:13 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

نظام غذائي مستلهم من الصيام لتحسين صحة الكلى

GMT 13:55 2018 السبت ,06 تشرين الأول / أكتوبر

الهلال يستضيف الزمالك في ليلة السوبر السعودي المصري

GMT 12:19 2018 الإثنين ,01 تشرين الأول / أكتوبر

مصر تحصد 31 ميدالية متنوعة مع ختام بطولتي الرماية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon