توقيت القاهرة المحلي 16:23:26 آخر تحديث
  مصر اليوم -

مطعم أم مطبخ؟

  مصر اليوم -

مطعم أم مطبخ

أسامة غريب

منذ عام مضى لم نرحب بالدستور، الذى كانت لجنة المستشار الغريانى قد انتهت من صياغته. لم يكن تحفظنا على ذلك الدستور راجعاً لرداءته فى العموم، وإنما لأنه لم يرتق لدماء الشهداء، التى سالت من أجل إنجازه، بمعنى أننا رأيناه، وقد انطبق عليه بيت الشعر القائل: ولم أر فى عيوب الناس عيباً/ كنقص القادرين على التمام. رأينا وقتها أن لجنة المائة كانت تستطيع أن تتحدى ضغوط الجهات، التى أرادت أن تفوز بقطعة كيك إضافية على حساب شركاء الوطن، لهذا فقد ساءنا أن نرى نصوصاً تفتح الباب لقضايا حسبة وضعت إرضاء للسلفيين، ونصوصاً أخرى تتيح تقديم المدنيين للمحاكمات العسكرية، واليوم نفاجأ بأن الذين اعترضوا معنا على النصوص، التى أساءت لدستور 2012 لا يمانعون فى تمرير مواد أسوأ من تلك التى اعترضنا عليها، وكأن الاعتراض السابق كان من باب الكيد للإخوان، وليس لمصلحة الوطن!. فى الحقيقة أن المرء ليصاب بالذهول وهو يرى أناساً كان يحسبهم مناصرين للعقل والمنطق، ولحقوق الإنسان يصوتون بالموافقة على المحاكمات العسكرية للمدنيين، ويريدون أن يقنعونا بأن هذا لمصلحتنا!.. ولا نفهم كيف يسىء هؤلاء السادة الأفاضل الظن بالقضاء الطبيعى، الذى يتغنون بروعته ليل نهار باعتباره حصن الأمان ورمز الشموخ والنزاهة.. كيف ينزعون عنه الأهلية لمحاكمة المدنيين إذا ما ارتكبوا جرائم أياً كان نوعها؟ وما الذى يجعلهم يتصورون أن القاضى الطبيعى سيمنح البراءة لمن يعتدى على المنشآت العسكرية؟ إن القانون كما نعلم هو الحاكم فيما يخص الفصل فى الجرائم، فهل القاضى العسكرى سيلتزم بتطبيق القانون، بينما القاضى الطبيعى سوف يهدره؟  إن الحجج والتبريرات، التى سمعناها من رموز الليبرالية، الذين أقروا هذه المادة مثيرة للشفقة والأسى، ومن الممكن أن نجملها فيما يلى: إن الذى يده فى الماء ليس مثل الذى يده فى النار، وإن هذه الصيغة هى أفضل ما أمكن الوصول إليه، ولو أننا لا نحب هذا الوطن لأصررنا على رفض المحاكمات العسكرية للمدنيين، وتركناكم تواجهون القانون، الذى سينظم هذا الأمر، لقد كنا أمام خيارين عبارة عن السيئ والأسوأ فاخترنا لكم السيئ!. لا أدرى هل أضحك أم أبكى على هذا التبرير المتهافت من أناس ظنوا أنهم يجلسون فى مطعم، وأن عليهم الاختيار من «المنيو» المقدم لهم، فلما لم يجدوا ما يحبونه اختاروا أفضل ما يكرهون!.. لا يا سادة أنتم فى مطبخ لا مطعم، وأنتم مكلفون بوضع النصوص، والمواد التى يأمل شعب مصر فى أن تصوغ مستقبله.. لقد صورتم الأمر للناس كما لو كان مفاوضات قمتم بها مع محتل، وأنكم بالكثير من الجهد والعناء استطعتم أن تنتزعوا منه جزءاً من حقوقنا، أما الباقى فأمره متروك للزمن.. وهذه لعمرى إساءة بالغة للجهات، التى أردتم مجاملتها على حسابنا، ولا أظن أنهم يستحقون منكم الصورة، التى أوصلتموها إلينا عنهم!.. هذا الكلام ليس موجهاً لفلول مبارك الكارهين لثورة 25 يناير، لكنه موجه لمن حسبنا وجودهم فى اللجنة صمام أمان، فإذا به صمام تالف، ويحتاج جلدة! نقلاً عن "المصري اليوم"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مطعم أم مطبخ مطعم أم مطبخ



GMT 09:03 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

شالوم ظريف والمصالحة

GMT 09:02 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

مسرح القيامة

GMT 09:01 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان... و«اليوم التالي»

GMT 09:00 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

لماذا توثيق «الصحوة» ضرورة وليس ترَفاً!؟

GMT 08:59 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

جهود هوكستين: إنقاذ لبنان أم تعويم «حزب الله»؟

GMT 08:57 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

الوجدان... ليست له قطع غيار

GMT 08:55 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

«فيروز».. عيونُنا إليكِ ترحلُ كلَّ يوم

GMT 08:54 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

ذكرى شهداء الروضة!

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 11:07 2020 الجمعة ,24 كانون الثاني / يناير

سعر الذهب في مصر اليوم الجمعة 24 كانون الثاني يناير 2020
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon