أسامة غريب
انتهت لجنة الخمسين فى مصر من كتابة الدستور الجديد، ويتطلع أهل الحكم الآن إلى استفتاء الناس عليه، ويأملون أن يحوز رضاهم فيصوتوا له بـ«نعم». لكن يظل عندى سؤال أغفلت مواد الدستور الإجابة عليه، وكنت أتمنى أن يحظى باهتمام السادة الأفاضل الذين بذلوا جهداً كبيراً لإخراج الدستور إلى النور. السؤال الذى تمنيت أن يجيب الدستور عليه كان يفترض وجود نصه فى باب نظام الحكم، وهو يتعلق بمدة رئيس الجمهورية (4 سنوات).. هل من المحتم قضاء الرئيس سنواته الأربع كاملة مهما بلغ الغضب الشعبى ضده، أم أنه فى الإمكان، اقتداء بما حدث فى 30 يونيو، أن يخلع الشعب رئيسه بعد أن يملأ الشوارع بالمظاهرات العارمة؟ أنا أعرف أن أى نظام حكم جديد يأتى بترسانة من القواعد الأسمنتية التى تجرّم الخروج عليه، أياً كانت الطريقة التى وصل بها للحكم، لكن الدستور رغم ذلك ينبغى أن ينير للناس الطريق ويجيب على أسئلتهم الخاصة بالمستقبل. فى 25 يناير ثار الناس ضد مبارك وتظاهروا ضده على مدى 18 يوما. وفى 30 يونيو خرجت تظاهرات كبيرة ضد مرسى ضمت قطاعات عديدة من الشعب، فانحاز لها الجيش وقام بخلع مرسى. سؤالى يتعلق بالرئيس القادم.. هل بإمكاننا أن نخلعه عن طريق التظاهر، أم أن هذا الباب أغلق بالضبة والمفتاح وتم إلقاء المفتاح فى النيل؟ وماذا لو غضب الناس من أداء الرئيس ولم يحتملوا انتظار انتهاء مدته الدستورية بعد أن بلغ به الفشل مداه؟ هل يخرجون فى مظاهرات مليونية لخلعه.. وهل يكون الجيش ملزماً بالاستجابة للمظاهرات حال كونها ضخمة وهادرة؟ وماذا لو لم يشعر قادة الجيش بالانبهار أو بعدالة هذه المظاهرات وجدواها؟ هل يحق لهم تجاهلها رغم اتساعها وشمولها، وهل هناك عقوبة دستورية لعدم الاستجابة؟.. كل هذه أسئلة لم يقترب منها الدستور رغم مثولها فى أذهان الناس. طبعاً بعض القراء سيبدون الدهشة من هذه التساؤلات، لأنهم يرون أن الخلاص من الإخوان مكسب بصرف النظر عن شمول الدستور واستجابته لتطلعاتهم وإجابته على أسئلة المستقبل، وبعضهم سيرون أنه دستور يجب عدم الالتفات إليه من الأساس لعدم اعترافهم بشرعية اللجنة التى وضعته، ولأن بعض نصوصه الحاضرة أسوأ من غياب النص الذى أتحدث عنه، ومع ذلك فإننى مصر على طرح سؤالى لأن احترامى للأفاضل الذين كتبوا الدستور يحتم علىّ أن أتحدث معهم بجدية، بحسبانهم أناساً كباراً وعقلاء يستحقون مناقشتهم لا تجاهلهم والإعراض عنهم!
نقلاً عن "المصري اليوم"