أسامة غريب
كان الرئيس الروسى خروشوف يحكم الدولة السوفيتية وهى فى أوج عظمتها وفى عز مجدها، وقد وفرت له الإنجازات العلمية العظيمة التى تحققت فى عهده ثقة كبيرة بالنفس، بعد أن أصبح الاتحاد السوفيتى فى عهده إحدى قوتين عظيمتين تتقاسمان السيطرة على العالم.
وقد تجلت هذه الثقة فى ردود أفعال الرجل التى كانت مثيرة للدهشة فى كثير من الأحيان، وأشهرها تلك المرة التى خلع حذاءه فيها ودق به على الطاولة داخل الأمم المتحدة، مهدداً ومرعداً عندما كان يلقى خطاباً نارياً بالمنظمة الدولية.
ومع كل نوادر خروشوف والقصص التى تحدثت عن جسارته وعدم تمتعه بقدر عال من اللياقة، طبقاً للمفهوم الغربى، فإن حكاية طريفة هى التى تستهوينى من سيرة الرجل وقد حدثت داخل القصر الملكى البريطانى وسردها الأستاذ محمد حسنين هيكل فى كتاب (سنوات الغليان).
كان الرجل فى زيارة رسمية إلى بريطانيا وتمت دعوته إلى العشاء مع الملكة وعائلتها، بالإضافة إلى رئيس الوزراء والوزراء وكبار الشخصيات فى الدولة من أعضاء مجلس اللوردات ومجلس العموم، ويبدو أنهم حشدوا له كل الشخصيات المهمة إدراكاً لأهميته، وأيضاً لمعادلة صلفه وجرأته وللتدليل على مكانة بريطانيا.
فى وسط الحشد الكبير الذى انتظم لمصافحته قدموا له دوق يورك الأمير فيليب، فمد يده وصافح الرجل، لكن أحس الحضور أنه ربما لا يعرف أن هذا الرجل هو زوج الملكة إليزابيث، فمال على أذنه أحد رجال البروتوكول، وأخبره بأن هذا الرجل هو دوق يورك فتساءل خروشوف، زعيم البروليتاريا فى العالم، رئيس الحزب الشيوعى السوفيتى، الذى هدم الإمبراطورية القيصرية وقضى على طبقة الأمراء.. تساءل خروشوف فى براءة حقيقية: ما معنى دوق يورك؟ فشعر الحضور بالحرج واقترب منه البعض وهمسوا له بأن هذا الرجل هو الأمير فيليب. لكن هذه الإجابة لم تزده إلا حيرة فسألهم: ماذا يشتغل هذا الرجل.. هل هو وزير أم محافظ أم ماذا؟. وهنا أغرق الجميع فى الخجل وحاولوا أن يتداركوا الموقف المحرج ويفهموا هذا الجلف الروسى بالأهمية الملكية للأمير فقالوا له: يا فخامة الرئيس هذا الرجل هو زوج الملكة. وهنا أبدى خروشوف تفهمه لكنه تساءل: ولكن ما طبيعة عمله؟. قالوا له محرجين: يا صاحب الفخامة نقول لك إن هذا الرجل هو زوج الملكة إليزابيث الثانية ملكة بريطانيا. وهنا صاح بهم خروشوف: نعم نعم، ولكن ماذا بالله عليكم يفعل بالنهار؟
وهنا كاد يغمى عليهم جميعاً!
نقلاً عن "المصري اليوم"