توقيت القاهرة المحلي 16:23:26 آخر تحديث
  مصر اليوم -

أيام مدهشة

  مصر اليوم -

أيام مدهشة

أسامة غريب

من يتابع الحالة فى مصر هذه الأيام يلفت انتباهه أن هناك خناقة أو عركة لا معنى لها يتم افتعالها كل عدة أيام، ويلاحظ أيضًا أن وسائل الإعلام تتبنى هذه العركات كما لو كانت أحداثاً جساماً تهم العالم، أو تخص مصالح الوطن الكبرى.. لا أقول إن الميديا المحلية تغطى الأحداث، ولكن تقف حول المتشاجرين تناول هذا سيفاً، وتعطى ذاك شومة، وتنفخ فى النار، حتى يستعر الأوار، وتأخذ العركة مداها، وتشغل الناس بالقدر المطلوب، ثم تهدأ الهيصة، بعدها تلتفت وسائل الإعلام إلى خلاف تافه جديد تصطرع الأطراف، وتتقاتل حوله، بينما يتحلق الشعب حول الشاشات يتابع آخر فصوله المخزية!، وأتصور أن الأجيال القادمة بعد عشرات السنين عندما تعود إلى الأرشيف الصحفى والتليفزيونى لهذه الفترة ستجد أن المصريين انشغلوا جداً بموضوع يخص دمية لعبة على غرار العروسة باربى واسمها أبلة فاهيتا.. سوف يذكر التاريخ أن مواطناً مصرياً اتهم العروسة بأنها ضالعة فى مؤامرة ضد الوطن، وأن الجهات الرسمية تعاملت بمنتهى الجدية مع البلاغ، خشية أن تكون أبلة فاهيتا ستاراً لمجموعة إرهابية تبغى شراً بمصر، وقد يحتفظ الأرشيف بمساهمات الناس على مواقع التواصل الاجتماعى بين مؤيد ومعارض وساخر فى هذا الموضوع، الذى لم نشاهد ما يشبهه إلا فى الكوميديات شديدة العبثية مثلما فى إسكتش العقلاء الذى قدمه إسماعيل يس منذ ستين عاماً، وفيه يطلب نيرون الولاعة لإحراق روما، ويتصارع شخصان على أيهما نابليون بونابرت، بينما يحاول عنترة بن شداد إشعال «صُباع كفتة»، وسوف يقرأ الناس أيضاً فى المستقبل وهم يستدعون صحف أيامنا عن تسريبات تتعلق بمحادثات خاصة بين مواطنين تذيعها قناة تليفزيونية بمنتهى الفخر والسعادة متهمة هؤلاء المواطنين بالتآمر على الوطن دون أن تقدم أى دليل إدانة للقضاء، وكأن التشهير هو الهدف. هذا نموذج للقضايا الساخنة التى يجلس الناس حول المدفأة فى هذه الشتوية ليتسامروا بشأنها. أما إذا أراد الناس فى المستقبل أن يعرفوا شيئاً عن الأغانى التى ذاعت فى أيامنا هذه، وشكلت وجدان الناس فلن يجدوا دالاً على المرحلة أبلغ من أغنية «أديك فى الجركن تركن»، وهى أغنية نالت من الشهرة والذيوع ما جعلها تتصدر الإذاعات والشاشات، وتنطلق من المحال والمقاهى والسيارات الخاصة والتاكسيات.. تقول بعض كلمات الأغنية: أديك فى الحارة سيجارة/ أديك تلبس نضارة/ أديك درسين فى السكة/أديك ترسم ع الدكة/ أديك بالكزلك سيف/ أديك على قد الكيف/أديك بس إوعى تخون/أنا عايزك عم الكون/أديك فى الأرض تفحّر/ أديك فى السقف تمحر/ أديك الصح ف وشّك/ أديك ولا عمرى أغشك/أديك كشاف ع العين/ وتشوف الحاجة اتنين. ولا بد لمواطن المستقبل الذى سيطالع هذا كله أن يتساءل: إذا كان هذا هو النص فى زمانكم فكيف كان الخروج على النص؟.. وهو السؤال الذى قد لا يقوى على احتمال إجابته! نقلاً عن "المصري اليوم"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أيام مدهشة أيام مدهشة



GMT 09:03 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

شالوم ظريف والمصالحة

GMT 09:02 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

مسرح القيامة

GMT 09:01 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان... و«اليوم التالي»

GMT 09:00 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

لماذا توثيق «الصحوة» ضرورة وليس ترَفاً!؟

GMT 08:59 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

جهود هوكستين: إنقاذ لبنان أم تعويم «حزب الله»؟

GMT 08:57 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

الوجدان... ليست له قطع غيار

GMT 08:55 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

«فيروز».. عيونُنا إليكِ ترحلُ كلَّ يوم

GMT 08:54 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

ذكرى شهداء الروضة!

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 11:07 2020 الجمعة ,24 كانون الثاني / يناير

سعر الذهب في مصر اليوم الجمعة 24 كانون الثاني يناير 2020
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon