توقيت القاهرة المحلي 16:23:26 آخر تحديث
  مصر اليوم -

يا واخد القرد

  مصر اليوم -

يا واخد القرد

أسامة غريب

كلما أمعنت النظر فى الأمثال الشعبية التى تتردد بين العامة وجدت معظمها أمثالاً منحطة تخاصم الشهامة والكبرياء وتعلى من قيم النفاق والخنوع وتقبيل أحذية الأقوياء. يسرى هذا على الأمثال التى تصف العلاقة بين الحاكم والمحكوم كالمثل الشهير: اللى يتجوز أمى أقول له يا عمى، كما يسرى على الأمثال التى تتصل بالعلاقات الاجتماعية بين الأفراد والتى لم تخل أيضاً من نفس الآفات والعلل، ومنها هذا المثل الذى يضحكنى بشدة كلما سمعته والقائل: يا واخد القرد على ماله.. يروح المال ويفضل القرد على حاله!.. المثل هنا يحذر الذى يضحى بالجمال عند اختيار شريك حياته ويقبل أن يتزوج بشخص قبيح مقابل الثراء الذى ينتظره.. يحذره من أن المال الذى أغواه سوف يفنى حتماً ثم لا يتبقى له سوى وجه القرد. قد يبدو للوهلة الأولى أن هذا المثل الذى يدّعى الحكمة يغترف من نبع الأخلاق الكريمة التى تعلى من قيمة الحب والمودة فى العلاقة الزوجية، لكن الحقيقة أنه لا يحفل إطلاقاً بمثل هذه الأشياء، وكل الذى يشغل سيدنا الحكيم صاحب المثل هو أن الحسبة على الأغلب خاسرة لأن المال سيفنى وسيأخذ الأخ صابونة نابلسى فى النهاية! ومن الواضح أم من يرددون المثل وهم يظنون أنفسهم يحسنون قولاً لم يدر ببالهم أن من يعتبرونه قرداً ويجلسون للتآمر عليه.. بعضهم ينصح بنبذه والابتعاد عنه وبعضهم يسعى لنهب ماله هو إنسان فى المقام الأول له مشاعر وأحاسيس يتعين إحترامها، وهو بالتأكيد لم يسع للزواج بالأكثر وسامة وجمالاً، إذ قد يكفيه إنسان يكافئه فى الملامح يسعد معه فى زيجة متعادلة ليس فيها غالب ولا مغلوب، وهو لا يدرى وهو يجلس فى حاله أن القوم اتخذوه هدفاً لأفكارهم وتنازعهم الشرير!.. فضلاً عن شىء مهم غاب عن الأوباش الحكماء هو أن مال القرد قد يخيب ظنهم ويحقق المفاجأة فيزيد ويربو، وأنّ ثروته قد تتضاعف، لأن فناء المال هنا ليس قدراً محتوماً، بل ليس هناك ما يدعو لحدوثه من الأساس إذا ما أحسن القرد المفترض إدارة أعماله ومشروعاته وسهر عليها بجد واجتهاد.. فماذا يكون الموقف وقتها؟. هل يقر الضمير الجمعى الذى رحب بالمثل وتسافل على شخص برىء، كما أظهر الشماتة فى المغفل الذى سيأخذ بُمبة.. هل يقر بخطئه لأنه أساء تقدير إمكانات القرد الإدارية والتنظيمية؟ وهل يعتذر ويدعو صاحبنا إلى البقاء معه واتخاذه زوجاً حقيقياً ما دام ماله مازال موجوداً، ومن ثم يعمل على إسعاده وإحاطته بالرعاية والاهتمام بما يضمن اغتراف أكبر قدر من فلوسه التى لا تنفد.. ثم يدعو الآخرين إلى احتذاء موقفه والبحث عن قرد ناصح لكل منهم ممن لا يفنى ماله ولا تضيع ثروته! صحيح.. أمثال غبية فضلاً عن كونها واطية!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

يا واخد القرد يا واخد القرد



GMT 09:03 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

شالوم ظريف والمصالحة

GMT 09:02 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

مسرح القيامة

GMT 09:01 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان... و«اليوم التالي»

GMT 09:00 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

لماذا توثيق «الصحوة» ضرورة وليس ترَفاً!؟

GMT 08:59 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

جهود هوكستين: إنقاذ لبنان أم تعويم «حزب الله»؟

GMT 08:57 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

الوجدان... ليست له قطع غيار

GMT 08:55 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

«فيروز».. عيونُنا إليكِ ترحلُ كلَّ يوم

GMT 08:54 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

ذكرى شهداء الروضة!

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 11:07 2020 الجمعة ,24 كانون الثاني / يناير

سعر الذهب في مصر اليوم الجمعة 24 كانون الثاني يناير 2020
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon