توقيت القاهرة المحلي 20:07:56 آخر تحديث
  مصر اليوم -

أفكار تنكّر لها أصحابها

  مصر اليوم -

أفكار تنكّر لها أصحابها

بقلم - أسامة غريب

الرأسمالية بكل عوارها وفسادها استمرت وسادت؛ لأن أصحابها انتصروا دائمًا. لو أن الاتحاد السوفيتى قد هزم الغرب فى صراع الأيديولوجيا بينه وبين المعسكر الرأسمالى لكان نموذجه هو المسيطر، ولكانت اشتراكيته قد غزت كل قرية أمريكية. لم تكن الحرب الأمريكية الشعواء ضد الشيوعية، لدرجة جنون المكارثية فى الخمسينيات، سوى دفاع عن النفس من أن تسود هذه الأفكار فى أوروبا ثم يتبناها الناس فى الولايات المتحدة نفسها.

الأمر ذاته يمكن قوله عن الشعوذة الإعلامية الفجة التى ساقها جوبلز فى الأربعينيات أثناء الحرب العظمى.. كان يمكن أن تكون هى النموذج والمثال لو أن هتلر تمكن من دحر الحلفاء فهزمهم واحتل بلادهم. ما أوقف الخطاب الخزعبلى الملىء بالأكاذيب والاستمالات العاطفية هو الهزيمة ولا شىء سواها. حتى أفكار سيادة الجنس الآرى التى حملها الخطاب النازى كان يمكن للشعوب التعيسة أن تتبناها وتصدقها فتظن فى نفسها عدم الجدارة.. ما نسف هذه الأفكار ليس فسادها لكن الهزيمة العسكرية لأصحابها، والدليل أن شعوب العالم الثالث ما زالت تحمل نفس الشعور بالدونية فى مواجهة دول الغرب التى دحرت جيوش هتلر، رغم أن الحلفاء المنتصرين لم يدّعوا أنهم أبناء الرب ولم يحمل إعلامهم أفكارًا تؤكد على سيادة جنسهم!.

الانتصارات قادرة على تسويق أحط النظريات السياسية والاقتصادية والإعلامية، بينما الهزائم تكنس نظريات المهزومين حتى لو ارتبطت بالأحلام النبيلة، فما بالك لو كانت هذه النظريات مرتبطة بشعارات لا تجد طريقها للتنفيذ. إن الاتحاد السوفيتى لم ينهزم فى صراعه الحضارى مع الغرب بفعل الدعاية الهوليودية فقط، ولكن لأن شعوبه لم تشعر بالسعادة.. لقد كان حلم المساواة والعدالة رائعًا حقًا، لكن صعوبات جمة وقفت فى طريقه، فلم يجد القادة السوفييت سوى القمع سبيلًا لإخراس الناس ريثما تتحقق المشاريع التى ستمنحهم السعادة!.

يضحكنى هذا التصور بشدة..أن يكون لدى الزعماء تصورات ومفاهيم عما يحقق مصلحة الشعوب، فلما تقصر أياديهم عن بلوغ الآمال يرجئون تلك الآمال لمراحل أخرى تكون فيها الظروف مواتية، ثم لا يجدون لمعالجة أحلام الجماهير التى تنتظر الفرج سوى القمع المؤقت الذى يتحول إلى سياسة دائمة مع وعد بأن المنّ والسلوى قادمان!. ولعل هذا يفسر الشراسة والغضب التى تبديها دول وشعوب المعسكر الشرقى الذى انفرط وتحلل تجاه روسيا التى كان عليها أن تتحمل أوزار التجربة السوفيتية، رغم أن روسيا الحالية نبذت الاشتراكية وانتقلت إلى الرأسمالية ولم تعد ترتبط بأفكار لينين وماركس على أى نحو. ما زالت التجربة المرة عالقة بالأذهان لدى كبار السن، أما الشباب الصغير فقد نشأ على أفكار العولمة الأمريكية، وصار يرى الغرب هو القائد والمعلم. لقد فعلت دول وشعوب المعسكر الشرقى هذا لأنها رأت روسيا نفسها تسعى للالتحاق بالمعسكر الغربى، ورأت بوتين يقترح على جورج بوش أن تنضم روسيا لحلف الناتو!.. فكيف بالله تظل شعوب أوروبا الشرقية على الولاء لأفكار تنكر لها أصحابها؟!.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أفكار تنكّر لها أصحابها أفكار تنكّر لها أصحابها



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 10:52 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
  مصر اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 16:28 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
  مصر اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 10:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية
  مصر اليوم - واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية

GMT 09:18 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامين سي يفتح آفاقا جديدة في علاج سرطان البنكرياس

GMT 08:28 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

غوتيريش يدعو مجموعة العشرين لبذل جهود قيادية لإنجاح كوب 29

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 01:54 2018 الأحد ,07 تشرين الأول / أكتوبر

أغنياء المدينة ومدارس الفقراء

GMT 09:59 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

نجوى كرم بإطلالات استثنائية وتنسيقات مبهرة في "Arabs Got Talent"

GMT 10:29 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

شريف مدكور يُعلن إصابته بفيروس يُصيب المناعة

GMT 12:37 2019 الأحد ,20 كانون الثاني / يناير

طبيب الأهلي يعلن جاهزية الثلاثي المصاب للمباريات
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon