توقيت القاهرة المحلي 08:28:51 آخر تحديث
  مصر اليوم -

إنسان بدون بذر!

  مصر اليوم -

إنسان بدون بذر

بقلم - أسامة غريب

كنت أعبر بالسيارة عندما أوقفتنى إشارة مرور سمعت إلى جوارها جلبة وصياحًا على الرصيف بين شخصين يتشاتمان ويتبادلان السباب والقول البذىء. لم أعرف سبب الخناقة، لكن لفت نظرى أن أحدهما وصف الآخر بأنه كيس جوافة، وأن الأخير وجم لثوانٍ عند سماعه هذا الوصف قبل أن يفيق ويستأنف وابل قذائفه الكلامية. فُتحت الإشارة فاضطررت آسفًا إلى الانطلاق وفى نفسى رغبة طفولية لتكملة متابعة الأحداث. نظرت فى المرآة فرأيت من حركاتهما ما يدل على استمرارهما فى المعركة. حمدت ربنا أن الطرفين اكتفيا بالسباب وتحاشيا الالتحام الجسدى وتبادل الضرب مثلما يحدث فى المواقف المماثلة، فعادة ما يبدأ الأمر بالمشادات الكلامية التى سرعان ما تتطور إلى الصفع واللكم والركل، لكن ما استوقفنى فى الدقيقة التى تابعتها أن الطرف الذى تم وصفه بأنه كيس جوافة ارتبك قليلًا بينما لم يرتبك عندما تعرضت أمه لأوصاف فاحشة!.

لا بد أن مسألة كيس الجوافة هذه كانت جديدة عليه واحتاجت وقتًا لتقييمها وتحديد مستوى الرد عليها. بعد أن مضيت لحال سبيلى فكرت فى الموضوع وأحسست بغرابة هذا الوصف فى خناقة شعبية، إذ إنك عندما تقول لشخص: أنت كيس جوافة فأنت لا تعنى أنه رجل شرير أو شيطان أو خسيس أو بلا أخلاق.. كل هذا لا يمكن انطباقه على كيس جوافة، لكن ما يصل للموصوف هو إحساس بالمهانة نتيجة فهمه أن المقصود هو: رجل خرونج، أو شرّابة خُرج، أو إنسان بلا قيمة أو معنى، وهذا فى ظنى ما أربك الرجل وجعله يتوقف قليلًا لهضم المعنى قبل أن يستأنف الرد. طاف ببالى أن هناك العديد من أكياس الجوافة فى حياة كل منا من بين الشخصيات العامة، وكذلك الدوائر الشخصية القريبة، لكن كم واحدًا من هؤلاء نستطيع أن نصارحه برأينا فيه؟. أعتقد أن الشخص الفاقد للنفوذ والقدرة على الإيذاء فقط هو من يمكن مصارحته بحقيقته، أما الشخص التافه من أصحاب الثروة فسوف يتم التعامل معه على مستويات عديدة، منها منافقته وإسباغ الأوصاف العظيمة عليه، ومنها اجتنابه وعدم خوض الحديث معه، أما مكاشفته بأنه كيس جوافة فلن تتم أبدًا اللهم إلا على يد زوجته أو من فى حكمها!.

ومعروف أن للزوجات والعشيقات مقدرة لا يمتلكها غيرهن على مصارحة الرجال بالحقيقة دون خشية الغضب والنقمة، خاصة لو كان كيس الجوافة غارقًا فى الحب ولا يبالى بالتالى بالتعرض للتقريع من الحبيبة على اعتبار أن هذا يتم فى السر، وكذلك لإمكانه التعويض برد الإهانة لآخرين لا يقوون على الرد!. ومع ذلك يمكننا السؤال إذا كان ثمة فائدة من وصف الخرونج فى وجهه بأنه كيس جوافة بدلًا من تداول الكلام من خلف ظهره؟، أعتقد أن له فوائد نفسية عديدة يعرفها من تجرأوا وفعلوها. بعد ذلك يتبقى السؤال: إذا كان خبراء الزراعة قد نجحوا فى استنبات أصناف من الجوافة بدون بذر، فهل ممكن أن نجد فى قابل الأيام إنسانًا بدون بذر؟.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إنسان بدون بذر إنسان بدون بذر



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 10:52 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
  مصر اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 10:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية
  مصر اليوم - واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية

GMT 11:07 2020 الجمعة ,24 كانون الثاني / يناير

سعر الذهب في مصر اليوم الجمعة 24 كانون الثاني يناير 2020

GMT 00:28 2019 الجمعة ,06 كانون الأول / ديسمبر

خالد النبوي يكشف كواليس تدريباته على معارك «ممالك النار»

GMT 14:08 2019 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج"الحوت" في كانون الأول 2019

GMT 00:09 2019 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

ارتدي جاكيت الفرو على طريقة النجمات

GMT 20:08 2019 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الحكومة تصدر 9 قرارات تهم المصريين "إجازات وتعويضات"

GMT 08:01 2019 الأربعاء ,09 تشرين الأول / أكتوبر

عرض فيلم "الفلوس" لتامر حسني أول تشرين الثاني

GMT 08:44 2019 الإثنين ,16 أيلول / سبتمبر

إنجي علي تفاجئ فنانا شهيرا بـ قُبلة أمام زوجته
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon