توقيت القاهرة المحلي 06:34:14 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الإبداع والجرأة

  مصر اليوم -

الإبداع والجرأة

أسامة غريب

المبدع الحقيقى لابد أن يتحلى بالجرأة، وهذه الجرأة هى التى تجعله لا يخشى ارتياد عوالم جديدة، والانطلاق فى فضاءات رحبة، والتحليق فى الخيال حتى ملامسة عنان السماء.

لكن هذه الجرأة لا تتأتى إلا من خلال الثقة بالمتلقى، والتأكد من أن الصلة التى تربط بينه وبين المبدع هى صلة قوية تسمح له بتقديم كل جديد وغريب دون أن يخشى أن ينصرف عنه المتلقى أو يتهمه بالجنون.

وكثير من المبدعين لم يستطع فى أعماله الأولى أن يسفر عن جنونه الحقيقى، فكتم حقيقته عن الجمهور خشية أن يكون عمله الأول هو عمله - الأخير. وحتى مخرج متمرد مثل يوسف شاهين عندما أقدم على تجربة جديدة فى أول أعماله، اتفقنا مع ما قدمه أو اختلفنا، أحببنا أفلامه أو سخطنا عليها، فلا شك أنه كان مبدعاً من طراز خاص، وأن إبداعه لم يظهر بالشكل الذى يريده إلا بعد أن اكتسب الثقة بالنفس، وعرف أن له جمهورا يمكن أن يتفاعل جدلياً مع ما يقدم، وساعده على هذا وجود جهات إنتاجية دعمته دون أن تنتظر ربحاً!

كذلك لا نستطيع أن نتحدث عن الجنون فى الفن دون أن نعرج على فنان عربى جميل هو زياد رحبانى الذى لا يزال يفاجئنا مع كل عمل بنغمات جديدة وأشكال موسيقية غير مألوفة، فضلاً عن كلمات لا يجرؤ سواه على تقديمها ولا تخطر بالأصل على مخيلة فنان عادى ممن يكتبون أغانى تقليدية عن الحب والهجر والوصال. ولا أعتقد أن زياد رحبانى كان يستطيع أن يخرج على الناس بكلماته ونغماته إلا بعد أن اكتسب الثقة وعرف أن له رصيداً لدى الجمهور يسمح بالتفنن والتحليق.

ومن تجربتى الشخصية أقول إننى كتبت ذات يوم نصاً أجّلت نشره طويلاً، إذ لم أثق بأن يلقى القبول، ولكن بعد أن قطعت شوطاً قدمت فيه للقراء أشياء مألوفة سمحتُ لنفسى بأن أنشره تحت عنوان: «قالت لى السمراء: اسقينى مانجة» وفيه سردت حدوتة غير تقليدية عن تجربة حقيقية حدثت لى، وقد قمت باستعارة جملة قالت لى السمراء من اسم أول دواوين الشاعر نزار قبانى. وعندما أتى رد الفعل إيجابياً ومشجعاً سمحت لنفسى بعد ذلك بمزيد من التهور!. صحيح أن الأحمق يتحلى بالجرأة أكثر من غيره ويمكنه أن يتقدم بكلامه الفارغ بكل فخر، لكن التهيب الزائد أيضاً له مضار، وقد يمنع صاحبه من إخراج أجمل ما لديه خشية الإخفاق. الجرأة مطلوبة لتقديم الجديد والغريب والمفاجئ، وبدونها سنظل ندور حول أنفسنا ونحكى ذات القصص ونضحك على نفس النكت ونموت من السأم والملل.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الإبداع والجرأة الإبداع والجرأة



GMT 08:29 2024 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

الإجابة عِلم

GMT 08:25 2024 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

العرق الإخواني دساس!!

GMT 08:16 2024 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

وزراء فى حضرة الشيخ

GMT 08:05 2024 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

نجاة «نمرة 2 يكسب أحيانًا»!!

ياسمين صبري بإطلالات أنيقة كررت فيها لمساتها الجمالية

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 19:23 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

5 مدن ساحلية في إيطاليا لمحبي الهدوء والإسترخاء
  مصر اليوم - 5 مدن ساحلية في إيطاليا لمحبي الهدوء والإسترخاء

GMT 10:15 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

أفكار لتزيين واجهة المنزل المودرن والكلاسيكي
  مصر اليوم - أفكار لتزيين واجهة المنزل المودرن والكلاسيكي

GMT 10:57 2020 الإثنين ,07 كانون الأول / ديسمبر

فوائد لا تصدق لقشور جوز الصنوبر

GMT 08:53 2020 الثلاثاء ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

إصابة زوجة محمد صلاح بفيروس كورونا

GMT 08:15 2020 الأربعاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

"حبيب نورمحمدوف" إنجازات رياضية استثنائية وإرث مثير للجدل

GMT 08:45 2020 الإثنين ,19 تشرين الأول / أكتوبر

القصة الكاملة لمرض الإعلامية بسمة وهبة الغامض

GMT 07:16 2020 الإثنين ,19 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الدواجن في مصر اليوم الإثنين 19 تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 09:50 2020 السبت ,10 تشرين الأول / أكتوبر

شقيقان بالإسكندرية يعانيان من مرض جلدى نادر
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon