بقلم - أسامة غريب
فى ندوة بنادى الكتاب دعَت إليها الدكتورة أمل عفيفى لمناقشة رواية «آه لو تدرى بحالى»، تشرفت بوجود الدكتور صلاح فضل على رأس نخبة من المثقفين والكُتاب والأصدقاء المهتمين بالأدب، وللحق كان لقاء مفعمًا بالمودة والرؤى المختلفة التى تناولت العمل بالنقد والتشريح. وقد كنت أتمنى أن أنقل إلى القراء مداخلة الدكتور فضل وتعقيباته على الآراء المختلفة وحديثه العذب الفياض بالخبرة الحياتية والنقدية ونفاذه إلى لب الرواية وعمقها، لولا أن هذا قد يدخل فى باب تزكية الذات الذى لا يمكن أن أقصده أبدًا، فأنا أشد الناس قسوة على نفسى وبعدًا عن الزهو بها وإلمامًا بعيوبها ونواقصها. ومع ذلك يمكن أن أسمح لنفسى بنشر الجانب النقدى الذى تحدث فيه عما افتقدته الرواية وكان يتمنى أن يجده بها. قال الدكتور صلاح فضل: شعرت أن الرواية رغم واقعيتها وصدقها ووقوفها شاهدًا على تاريخ المهاجرين المصريين لأوروبا فى فترة نهاية السبعينيات وأوائل الثمانينيات، إلا أن أحداثها كانت جادة وفى كثير من الأحيان مأساوية بالنظر إلى مصائر الأبطال المصريين الذين ذهبوا ليبيعوا الجرائد فى فيينا وسط ظروف صعبة دون التسلح بمعرفة البلد ولغته، مع البقاء على هامش المجتمع. أضاف الناقد الكبير: ونظرًا لمتابعتى لكتاباتك باستمرار فقد أدهشنى أنك ابتعدت فى هذا العمل عن السخرية والكوميديا التى ميّزت أعمالًا أخرى لك، وكنت أود أن أجد جرعة كبيرة من الفكاهة فى هذه الرواية تخفف من جدية الأحداث ومن الألم الذى كابده أبطال العمل.
عندما قمت بالتعقيب على هذا الرأى فإننى أشرت إلى بعض فصول ومشاهد الرواية وقد حوَت جرعات عالية من الكوميديا طبقًا لما أتصوره، لكن يبدو أن أستاذنا صلاح فضل رآها غير كافية وكان يأمل فى المزيد. هنا وجدت نفسى أتشجع وأقول لشيخ النقاد العرب: غير خافٍ على سيادتكم أننى إلى جانب الأعمال الروائية والقصصية قد قدمتُ عشرة أعمال مما يُطلق عليه الأدب الساخر الخالص، وهى أعمال تحوى الجرعات الكوميدية التهكمية التى تحدثتم عنها وزيادة، وقد لقيت حفاوة كبيرة من القراء، ومع ذلك فقد كان إعراض النقاد عنها لافتًا ولم يتفضل بالكتابة عنها أو مناقشتها أى من المهتمين بالأدب، والمقصود أن النقاد فى بلادنا لا يحفلون إلا بالأعمال الروائية فقط، ويرون ما دونها غير مستحق لتناوله وإلقاء الضوء عليه. ابتسم الدكتور فضل ابتسامة حانية فتشجعت أكثر قائلًا: وبالرغم من إشادتك العرضية الآن بالأعمال الساخرة فإننى لم أحظَ بشرف لقائك لمناقشة أحد أعمالى إلا عندما تعلق الأمر بروايتى هذه والرواية التى سبقتها «عازفة الكمان». قال الدكتور صلاح وقد اتّسعت ابتسامته: حتى لو لم تجد تلك الأعمال حفاوة نقدية، فتأكد أن النقاد أعجبوا بها وأحبوها!.
سعدت كثيرًا بحضور هذا اللقاء الثقافى، لكنى مازلت عند رأيى بأن السادة نقاد الأدب فى زمننا هذا لا يحفلون بالمنتج الأدبى إلا إذا كان رواية، وإذا أحبوا نوعًا آخر فإنهم يحبونه فى صمت!.. وهو الأمر الذى واكبته الجوائز وسارت فى أثره.