بقلم - أسامة غريب
مرّ على بالى بدون مناسبة خبرٌ كنت قد قرأته منذ فترة عن بنيامين نتنياهو، رئيس وزراء إسرائيل السابق.. يتعلق الخبر الذي نشرته «واشنطن بوست» بتاريخ 24 سبتمبر 2020 بأن المذكور دأب أثناء زياراته للولايات المتحدة على جلب عدد ضخم من الحقائب المملوءة بالغسيل ليتم غسله بالمجان في واشنطن، كخدمة يقوم البيت الأبيض بإتاحتها للزوار الرسميين الذين يكونون في ضيافة الرئيس الأمريكى. ونوهت الصحيفة بأن نتنياهو وزوجته كانا الضيفان الوحيدين اللذين حرصا على التمتع بهذه الميزة طيلة فترتى الرئيس أوباما، علاوة على فترة دونالد ترامب. وأشار أحد المسؤولين الأمريكيين للصحيفة إلى أن هذا الرجل لم يكن يقدم لهم الغسيل الذي يتسخ أثناء إقامته بواشنطن، لكنه كان يركب الطائرة من تل أبيب وبصحبته الغسيل ليتم غسله بالمجان، في واحدة من التصرفات التي لم يعهدوها في أي من الضيوف الآخرين!.
أول ما يخطر على البال عند تحليل هذه الفعلة هو أن نتنياهو نموذج للرجل الذي لا يخجل من الاستفادة من أي شىء يمكن الحصول عليه بالمجان، وأن زوجته تشاركه ذات الصفات الدالة على البخل وعدم الترفع عن الدنايا.. لكن بعد أن نضحك ونسخر ونفتح بوابات التنكيت على هذا السلوك الرخيص، قد يكون مؤكدًا أن أي حاكم لدولة من العالم الثالث لن يفعل هذا أبدًا، سواء كانت هذه الدولة هي دولة نفطية غنية أو كانت دولة فقيرة محدودة الموارد، لأن حكام العالم الثالث في الغالب يعتلون بلادًا غير ديمقراطية ليس بها حدود معروفة بين المال العام والمال الخاص، ولهذا قد يكون الرجل من هؤلاء يحكم جمهورية موز أو جمهورية يوستفندى، ومع ذلك فهو مليونير وله أرصدة في جزر كايمن وجزر سليمان وغيرهما من الملاذات الآمنة.. وطبيعى أنه لن يحاول توفير الفلوس التي يدفعها للمكوجى. أما السيد نتنياهو فهو يحكم كيانًا ديمقراطيًا، بصرف النظر عن كونه عدوانيًا شريرًا، وهناك للمال العام حرمة شديدة، وهناك شفافية ومحاسبة وحدود بين المال العام والخاص، ولذلك فإن طبيعة هذا الرجل (نتنياهو) الميالة لاستباحة المال العام مثل أي موظف تصطدم بجدار من القوانين تردعه وتضطره لأن يعيش على مرتبه فقط، وهو بالتأكيد يحسد أصدقاءه من حكام بعض دول إفريقيا وآسيا وأمريكا الجنوبية الذين يحكمون أبعديات وتكايا ولا يتعرضون للحساب، لهذا فإنه ما إن يجد في جدوله زيارة إلى واشنطن حتى يهرع إلى زوجته السيدة سارة وهو يفرك كفيه من السعادة من أجل أن تُفرغ سَبَت الغسيل في الحقائب، حيث تنتظرهما رحلة مثيرة يحقق فيها صالح شعبه من خلال اللقاءات السياسية، كما يستمتع بالطعام والشراب والإنترنت المجانى، وربما يجد في مقر إقامته اشتراكًا في قنوات «بى إن سبورتس» ليتابع الدورى الإنجليزى.. والأهم من كل ما سبق غسيل ومكوة بلوشى!.