بقلم أسامة غريب
وافق الناخب البريطانى على خروج بلاده من الاتحاد الأوروبى وفقاً للاستفتاء الذى أجرى يوم 23 يونيو 2016. فى زياراتى الأخيرة لبريطانيا لاحظت التزايد الواضح لأعداد العمالة الأوروبية الوافدة خصوصاً من بلاد أوروبا الشرقية كالمجر وسلوفاكيا وسلوفينيا واليونان، وهو الأمر الذى أغضب قطاعات واسعة من المواطنين البريطانيين الذين رأوا أن مواطنيهم أولى بهذه الفرص من الغرباء. وعلى الرغم مما كان يتيحه الاتحاد للبريطانيين من فرص للانتقال والعمل فى دول الاتحاد الأوروبى فإنه كان واضحاً طوال السنوات الماضية أن رغبة البريطانيين فى العمل خارج حدودهم كانت محدودة. بدا جلياً فى الأيام التى سبقت الاستفتاء أن العالم يقف على قدم انتظاراً للنتيجة التى سيقررها الناخب البريطانى، وأخذت الصحف الأوروبية تعدد المزايا التى تحصل عليها بريطانيا من البقاء فى الاتحاد أملاً فى أن يتعاطف سيادة الناخب مع حزب العمال البريطانى الذى كان فى طليعة الأحزاب المؤيدة للبقاء. من ضمن قادة العالم الذين أرادوا لبريطانيا البقاء داخل الأسرة الأوروبية باراك أوباما، رئيس الولايات المتحدة، وكذلك هيلارى كلينتون، مرشحة الديمقراطيين للانتخابات الرئاسية، أما الذين تمنوا خروج بريطانيا فكان على رأسهم دونالد ترامب، مرشح الجمهوريين فى انتخابات الرئاسة، وكذلك الرئيس الروسى بوتين. وفى ظل هذه النتيجة خرجت «نيكولا ستارجن»، رئيسة وزراء أسكتلندا، ببيان أعلنت فيه أن أسكتلندا ترى مستقبلها داخل الاتحاد الأوروبى، وتقترح إقامة استفتاء جديد على بقاء أسكتلندا داخل بريطانيا.. وكان استفتاء بهذا الشأن قد أجرى فى سبتمبر من العام الماضى أسفر عن رغبة أسكتلندية بالبقاء داخل بريطانيا.
وسط كل هذه الأحداث الساخنة تلاحظ لنا الاهتمام الشديد للمواطن العربى بالاستفتاء ومتابعة نتائجه لحظة بلحظة، وقد يقال إن انفصال بريطانيا عن أوروبا قد يتلوه أن يتمحور البريطانيون على ذواتهم من جديد وتزداد لديهم النزعات الاستعلائية التى تعتبر بريطانيا صاحبة أدنى معدل أوروبى فيها قياساً بالعنصرية الطاغية وكراهية الأجانب لدى فرنسا مثلاً، ولكن على الرغم من ذلك فإننا نرى أن الاهتمام العربى المبالغ فيه بهذا الحدث لا يخرج عن كونه أحد تجليات التبعية والانسحاق، فلا دخول بريطانيا الاتحاد الأوروبى أفادنا فى شىء ولا خروجها منه سيضرنا، فنحن فى كل الأحوال مطالبون بالحصول على تأشيرات سواء لزيارة بريطانيا أو لزيارة أتفه دولة داخل الاتحاد الأوروبى، وليس مسموحاً للعمالة العربية بالتنقل أو حتى الاقتراب من الحدود الأوروبية، وكل ما يملكونه من أجل الهروب من واقعهم المزرى هو ركوب قوارب متهالكة تبحر بهم من الإسكندرية ودمياط واللاذقية وبيروت وطرابلس وبنى غازى أملاً فى بلوغ الشاطئ الأوروبى عند اليونانيين أو الطلاينة أملاً فى أن يتم قبولهم كلاجئين أو أن يذوبوا وسط الجموع دون أوراق أو هوية.. لذلك كانت متابعة الصحف والمواقع العربية للاستفتاء البريطانى أمراً غريباً ومحيراً، ذلك أن للمواطن العربى قضايا أولى بالرعاية وحقوقاً أولى بالاقتضاء، لكن يبدو أن المسألة لا تعدو الاهتمام الذى كان يبديه الكُحيت (شخصية أحمد رجب ومصطفى حسين) بأسعار الأسهم فى وول ستريت وسعر خام بحر الشمال ونقص الكافيار الروسى من الأسواق بينما يقف مرتدياً «شبشب مقطوع» وإلى جواره طفل بائس من غير لباس!.