توقيت القاهرة المحلي 11:20:04 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الجلد السميك يكسب!

  مصر اليوم -

الجلد السميك يكسب

بقلم أسامة غريب

بينما تقفز إلى ذهنك صور بعض الناس وأنت تطرح سؤالا: لماذا معظم الناس كلاب؟.. فإن هناك من يتساءل عن الأمر نفسه بينما تأتى أنت على باله!.

ورغم غرابة هذا فإنه مفهوم، ذلك أن الإنسان مجبول على الرغبة فى إعفاء النفس من اللوم واستسهال سوء الظن بالناس وإلقاء مسؤولية الخيبة والإخفاق عليهم، وهو كذلك مطبوع على تبرئة نفسه حتى لو كان شريراً أثيماً وكانت أفعاله تلحق بالناس أفدح الضرر. هذه كلها ميكانيزمات دفاعية يلجأ لها الناس ليتخففوا مما يثقل كواهلهم ويشعروا بأنهم يؤدون ما عليهم، غير أن التآمر والشر هما اللذان يفسدان كل شىء. وقد لا يكون المرء فى ظنه هذا مبالغاً أو متجنياً، وقد يكون معظم من حوله من الناس هم أنذال فعلاً، لكن هذا لا يغير من طبيعة النظرية.. نظرية سوء الظن المتبادل وتحميل الآخرين ما قد نكون فيه من إخفاق وهوان حتى لو كان هؤلاء الآخرون من النبلاء!. وفى هذا الصدد، نجد أن الأوغاد والملوثين يظنون بأنفسهم العفة، ويعتقدون أن مشاكل البشرية قد تجد لها حلاً لو أن جيرانهم ومعارفهم قد اختفوا وفارقوا الحياة. وإذا أردنا أن نعرف أكثر تجليات هذه الحالة فلننظر حولنا فى وسط معارفنا لنرى أن كل من نعرفهم تقريباً يعتقدون فى الحسد، ويؤمنون أن العين فلقت الحجر نصفين، لهذا فإنهم يتشاءمون ويتطيّرون من بعضهم البعض، وكل واحد منهم يظن أن الآخر عينه حامية، وأن نظراته الحاسدة هى السبب فيما نحن فيه من عذاب، فإذا تأخرت العلاوة فهذا ليس سببه أننا كسالى وتنابلة، ولكن لأن الجار نظر لنا فيها، وإذا رسب الولد فى الامتحان فليس هذا بسبب أنه لم يذاكر أو بسبب أنه ورث جينات الغباوة من الأب والأم، وإنما لأن الجارة أبصرته وهو ذاهب للامتحان فى الصباح، وحتى إذا ما تعثرنا فى قشرة موز، فإن هذا لا يعود لقذارة من أكل الموز وإلقاء القشر فى الشارع، ولكن لأن عيناً ما راقبتنا ونفَسَت علينا ما نحن فيه من خير وسعادة!. وفى الحقيقة، إن هذا الأمر ليس مقصوراً على الأفراد أو على آحاد الناس فقط، لكن الحكومات التى تحوز السلطة والصلاحية والتفويض للعمل تلجأ هى الأخرى لحديث المؤامرة المريح، الذى يعفى من المسؤولية، وينجى من اللوم، وذلك فى سلوك يحمل من حماقة الطفولة أكثر مما يحمل من النضج والرجولة. وإذا ما نظرنا إلى الاستثناءات التى لا ينساق أصحابها إلى هذا السلوك الوضيع المريح، أولئك المحترمين من البشر الذين يمتلكون نفوساً رفيعة تأبى إلصاق الفشل الذى نتعثر فيه بعوامل خارجية، ويصرون على تحمّل مسؤوليات ونتائج أفعالهم كاملة، كما يملكون نظرة حانية للآخرين لا تتصيد لهم الأخطاء لكن تعذر ضعفهم وتلتمس لهم الأسباب إذا ما أساءوا فعلاً.. هؤلاء بكل أسف يسقطون صرعى الأمراض النفسية لعدم قدرتهم على الذوبان فى القطيع، ومن بينهم من ينتحرون ويتركون الحياة للأوغاد أصحاب الجلد السميك والميكانيزمات الدفاعية التى تجعلهم لا يترددون فى حرق المدينة كلها من أجل إشعال سيجارة!.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الجلد السميك يكسب الجلد السميك يكسب



GMT 04:59 2024 الأربعاء ,03 تموز / يوليو

العروبة والوحدة

GMT 04:59 2024 الإثنين ,01 تموز / يوليو

ليت قومى يعقلون

GMT 06:42 2024 السبت ,22 حزيران / يونيو

وارد بلاد برة

GMT 23:52 2024 الثلاثاء ,18 حزيران / يونيو

مأمون الشناوي

GMT 03:14 2024 الجمعة ,14 حزيران / يونيو

الاتفاق العادل غير مطلوب

إطلالات عملية ومريحة للنجمات في مهرجان الجونة أبرزها ليسرا وهند صبري

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 18:09 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

بانكوك وجهة سياحية أوروبية تجمع بين الثقافة والترفيه
  مصر اليوم - بانكوك وجهة سياحية أوروبية تجمع بين الثقافة والترفيه

GMT 09:06 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

وزيرا خارجية مصر وأميركا يبحثان هاتفيا الوضع في الشرق الأوسط
  مصر اليوم - وزيرا خارجية مصر وأميركا يبحثان هاتفيا الوضع في الشرق الأوسط

GMT 10:57 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

درّة تكشف تفاصيل دخولها لعالم الإخراج للمرة الأولى
  مصر اليوم - درّة تكشف تفاصيل دخولها لعالم الإخراج للمرة الأولى

GMT 09:38 2021 الإثنين ,20 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم الإثنين 20/9/2021 برج الحوت

GMT 00:05 2023 الثلاثاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الأهلي يستقر على التجديد لعمرو السولية

GMT 07:13 2021 الثلاثاء ,20 تموز / يوليو

جزء ثانٍ من فيلم «موسى» في صيف 2022 قيد الدراسة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon