توقيت القاهرة المحلي 07:38:45 آخر تحديث
  مصر اليوم -

أولادى يا الله!

  مصر اليوم -

أولادى يا الله

أسامة غريب

خرج الركاب من الطائرة فوجدوا لافتات الترحيب بعدة لغات تقول لهم: أهلاً بكم فى مطار ستوكهولم. جرَّ الأستاذ مسعود حقيبة اليد وأسرع مع المسرعين فى الطريق إلى الجوازات. الطوابير طويلة، ومن الواضح أن عدة طائرات قد هبطت فى أوقات متقاربة فأحدثت هذا الزحام. وقف فى دوره ممسكاً حقيبته الصغيرة التى تحوى أدويته كلها فى يد، وفى اليد الأخرى تليفونه المحمول منتظراً أن يدق معلناً عن مكالمة من ابنه الذى ينتظره بالخارج. كان علاء الابن الصغير للأستاذ مسعود قد دعاه لزيارته بالسويد التى هاجر إليها منذ خمس سنوات، حيث تزوج وأنجب فتاة جميلة تقف بانتظار خروج جدها ومعه الهدايا التى وعدها بها فى التليفون. لم يكن الأستاذ مسعود الناظر بالمعاش يهوى السفر، لكنه استجاب لدعوة ولده بعد أن تزوج أبناؤه، ثم توفيت أم العيال، وخلا البيت عليه. دق جرس الموبايل فأوشك مسعود أن يرد قبل أن يكتشف أن نغمته يشترك معه فيها الراكب الذى يقف أمامه بالطابور. علا صوت الرجل الذى كان يتحدث العربية بلهجة شامية وهو يقول: شو؟ أنا لا أفهم، تمالك نفسك يا بنى وقل لى ماذا حدث.. غارة.. براميل؟ لا تخف يا ولدى واهدأ.. تماسك فأنت الكبير حتى لا تنقل الرعب لإخوتك الصغار، صدقنى سوف تمر الغارة بسلام كغيرها وسوف تلحقون بى قريباً، وحياة الله، لقد أنجزت كل شىء.. أعطنى أمك بسرعة. نظر الأستاذ مسعود للرجل فأبصر وجهه قد امتقع وبدت عليه كل آيات الهلع ثم سمعه يقول: لا تصرخى أرجوكِ من شان الولاد، خذيهم وانزلى بهم للسرداب.. الله بيستر، الله بيستر.

انقطعت المكالمة وظل الرجل يحاول مع التليفون الذى فرغت شحنته، ثم بعد أن تأكد من عبث المحاولة ألقى التليفون على الأرض ودهسه بقدمه ثم تهاوى إلى جانبه وانفجر فى البكاء. نزل الأستاذ مسعود على الأرض إلى جانبه وسأله بلهفة: ما الأمر؟ قال الرجل السورى فى ذهول: سمعت صوت الانفجار قبل انقطاع الخط.. سمعت صوت الانفجار. طمأنه مسعود وأعطاه تليفونه ليعاود الاتصال وهو يردد: إن شاء الله خير.. إن شاء الله خير. أمسك الرجل التليفون بيد مرتعشة وحاول أن يستجمع شتات نفسه ليتذكر الرقم ثم طلب النمرة وانتظر..لا أحد يرد..لا أحد يرد. قال مسعود: أكيد خرجوا من البيت..اطمئن وصلِّ على النبى. قال الرجل فى حرقة: وبماذا تفيد الصلاة على النبى؟ إن الذين يكثرون من الصلاة على النبى قد شرَّدونا وخربوا بيوتنا، والذين لا يعرفون النبى هم الذين يقدمون لنا العون. قال هذا ثم شرع يطلب رقماً آخر..قال: سأطلب أختى لعلها تعرف شيئاً. كان مسعود يتابع الموقف بعينين دامعتين وكيانه كله يرتعد من هول الموقف. حاول أن يُطمئن الرجل لكنه نفسه كان فى حالة سيئة. أخرج من حقيبته دواءً، ابتلع قرصاً منه وأمسك دواءً آخر، ووضع حبة تحت لسانه. صرخ الرجل السورى فى التليفون وهو ملقى على الأرض والركاب يتابعونه: ماذا؟ البيت انهار، صار كومة تراب..أولادى يا الله..أولادى يا الله.

وضع الرجل رأسه فى الأرض وأخذ ينتحب وجسده يهتز هزات قوية. تجمع الناس حوله فى فضول وهرع بعضهم يطلب له المساعدة من سلطات المطار، لكن وسط اهتمامهم بالرجل السورى المكلوم فاتهم أن ينتبهوا إلى أن الأستاذ مسعود الجالس إلى جواره قد أسلم الروح وفارق الحياة!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أولادى يا الله أولادى يا الله



GMT 07:07 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

«الحياة الأبدية» لمقاتلي روسيا

GMT 07:02 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

ترمب... السنجاب المحارب!

GMT 07:00 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

الأولوية الإسرائيلية في الحرب على لبنان

GMT 06:58 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

تثمين العقلانية السعودية

GMT 06:56 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

من ينتخب الرئيس... الشعب أم «المجمع الانتخابي»؟

GMT 06:54 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

«أرامكو» وتحوّل الطاقة

GMT 06:52 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

بريطانيا: المحافظون يسجلون هدفاً رابعاً ضد «العمال»

GMT 06:50 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

اليوم التالي في واشنطن استمرارية أم انعطافة؟

إطلالات عملية ومريحة للنجمات في مهرجان الجونة أبرزها ليسرا وهند صبري

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 18:09 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

بانكوك وجهة سياحية أوروبية تجمع بين الثقافة والترفيه
  مصر اليوم - بانكوك وجهة سياحية أوروبية تجمع بين الثقافة والترفيه

GMT 08:32 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

غوتيريس "قلق جدا" لوجود قوات كورية شمالية في روسيا
  مصر اليوم - غوتيريس قلق جدا لوجود قوات كورية شمالية في روسيا

GMT 05:30 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان يطالب بتطبيق القرار 1701 بحرفيته دون إضافات أو تفسيرات
  مصر اليوم - لبنان يطالب بتطبيق القرار 1701 بحرفيته دون إضافات أو تفسيرات

GMT 09:38 2021 الإثنين ,20 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم الإثنين 20/9/2021 برج الحوت

GMT 00:05 2023 الثلاثاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الأهلي يستقر على التجديد لعمرو السولية

GMT 07:13 2021 الثلاثاء ,20 تموز / يوليو

جزء ثانٍ من فيلم «موسى» في صيف 2022 قيد الدراسة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon