توقيت القاهرة المحلي 10:37:39 آخر تحديث
  مصر اليوم -

إنهم يحاربونك بأهلك!

  مصر اليوم -

إنهم يحاربونك بأهلك

أسامة غريب

ليست المشكلة فى إعلامهم البذىء أنه يزيف الوعى ويخلط الأفكار ويربك الدماغ، فيصير الطيب خبيثاً والخبيث طيباً، إنما المشكلة تفوق هذا بكثير. هناك جانب ممن يستقبلون الروث الإعلامى يملكون وعياً وقدرة على الفرز، فليس جميع الجمهور من النعاج التى تشاهد وهى تهز ذيلها، لكن يوجد متعلمون ومتنورون لديهم حصانة عقلية ولا يأكلون الأونطة الساذجة التى يقدمها نفر من الجهلاء المتوحشين.. لكن المصيبة أن هؤلاء الفاهمين العارفين القادرين على التمييز لديهم مشكلة أخرى، فحقيقة أن يدرك المرء أن الحَوَش الذين يطالعهم فى التليفزيون هم فى واقع الأمر كائنات شرسة تنفّذ طلبات من يمسك اللجام.. حقيقة أن تدرك هذا قد لا تنجيك من التأثير السام لرسالتهم الإعلامية بأن يستقر فى وعيك أن النطاعة والضمير الميت هما الوسيلتان الوحيدتان الناجعتان ليحقق الشاب أحلامه فى الفلوس الغزيرة والمكانة الاجتماعية..نعم المكانة الاجتماعية، فللأسف معظم من يعتقدون أن فلاناً هذا هو شخص قذر لا يترددون فى تحيته والتودد إليه لو صادفوه فى أى مكان!

الرسالة التى تصل للشباب الواعى الذى لا يصدق أكاذيبهم هى أن هؤلاء الخدم يمتلكون القوة والحصانة والمنَعَة والاستعصاء على المحاكمة والإدانة مهما فعلوا، وهذا يقدم للجيل الجديد أسوأ نموذج ويدفع الشباب للانكفاء على الذات واليأس من الحياة أو الفرار من هذا الوطن الظالم، وقد يأخذهم اليأس إلى سكة الانحراف والترخص التى أصبحت معتمدة كسبيل لارتقاء السلّم الاجتماعى.

هناك إذن الغوغاء من أنصاف المتعلمين الذين باتوا بفعل الإعلام الدنىء يصدقون أننا أسرنا قائد الأسطول السادس ويعتقدون أن 25 يناير هى مؤامرة فى حق الوطن، وهناك أيضاً أصحاب الوعى الذين لا يصدقون شيئاً مما يسمعونه، لكنه مع ذلك يؤثر فيهم بالسلب ويعجّل بانهيارهم النفسى عندما يرون وطنهم العزيز يعتليه الأوغاد. لكن هل هذه هى نهاية الحدوتة أم يوجد المزيد من السوء؟ للأسف يوجد الأسوأ.. إن انقسام المجتمع ما بين بؤساء متشخرمين يمكن التأثير عليهم وإقناعهم بكل التخاريف والأكاذيب، إلى جانب نفر من الواعين المحطمة نفوسهم، يضاف إليهم الواعون من أصحاب الصلابة النفسية الذين لا تهزهم تخاريف الروث الإعلامى ولا تؤثر فيهم الهزيمة النفسية لنفر من أصحابهم.. انقسام الوطن بهذا الشكل الذى حدث تحت القصف الإعلامى قد أتاح للذين يمسكون خيوط اللعبة ويحركون العرائس على المسرح أن يحاربوك ليس بقواتهم، وإنما يحاربونك بأهلك.. يجعلون أهلك يتصدون لك ويواجهونك ويتخذون منك عدواً بعد أن اقتنعوا بأنك خائن عميل، وبأنك واحد من أولئك الذين يحبون الديمقراطية والعزة والكرامة والمساواة ويجاهدون من أجل الحق فى الطعام والعلاج والتعليم... إلخ هذه الأفكار السوداوية التى تحرق البلاد!.

أخطر ما نجح فيه أراجوزات الإعلام الذين ننظر إليهم على أنهم مجموعة من المخابيل الجهلاء أنهم وصلوا إلى عقر دارك وجعلوا أخاك يخشاك وأباك يلعنك وأمك تطلب لك الهداية.. لقد وضعوك على خط النار وجعلوا فى مواجهتك أقرب الناس إليك، وهم لا يخشون أن تضيع أنت فى المواجهة أو يحترق أهلك، فأنتم جميعاً لستم فى عرفهم أكثر من وقود لحرب شنوها على المجتمع، وربما كنتم بالنسبة لهم فى أحسن الأحوال هؤلاء الذين يزوّدون خيولهم بالعلف!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إنهم يحاربونك بأهلك إنهم يحاربونك بأهلك



GMT 09:03 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

شالوم ظريف والمصالحة

GMT 09:02 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

مسرح القيامة

GMT 09:01 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان... و«اليوم التالي»

GMT 09:00 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

لماذا توثيق «الصحوة» ضرورة وليس ترَفاً!؟

GMT 08:59 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

جهود هوكستين: إنقاذ لبنان أم تعويم «حزب الله»؟

GMT 08:57 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

الوجدان... ليست له قطع غيار

GMT 08:55 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

«فيروز».. عيونُنا إليكِ ترحلُ كلَّ يوم

GMT 08:54 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

ذكرى شهداء الروضة!

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 11:07 2020 الجمعة ,24 كانون الثاني / يناير

سعر الذهب في مصر اليوم الجمعة 24 كانون الثاني يناير 2020
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon