توقيت القاهرة المحلي 02:34:12 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الحب العسير

  مصر اليوم -

الحب العسير

أسامة غريب

فى الدنيا أناس تحبك وتهتم بك، وقد يكون لدى بعضهم استعداد لافتدائك بكل غال ونفيس، وهذا يعنى أن وجدهم وكلفهم بك لا حدود له. فى الوقت نفسه أنت تمنح جُل مشاعرك وتفكيرك لآخرين قد لا يحفلون بك ولا يبالون بمشاعرك وليس لديهم استعداد ليبادلوك الحب والاهتمام.

الصورة السابقة هى حالة متكررة فى كل زمان ومكان، وقد عبر عنها كتاب الروايات وتناولتها السينما وكانت محور الكثير من الأغانى، ولعل محمد عبدالوهاب لخص المسألة كلها عندما غنّى لحسين السيد يقول: بافكر فى اللى ناسينى، وبأنسى اللى فاكرنى. وباهرب م اللى شارينى وأدوّر ع اللى بايعنى.

أما عن السبب فى هذه الحالة الشائعة لدى البشر فهو التوق إلى ما لا نملك والتطلع إلى الحصول على الصعب حتى لو لم نكن مؤهلين لبلوغه. وقد تكمن صعوبة الحصول على هذا الأمل فى أن الطرف الآخر هو مثلك نمرود لا يقنع بمشاعرك السهلة التى لا تكفى لإرضاء غروره، وهو مثلك لا يرضى بأقل من التطلع إلى المستحيل. وعلى الرغم من أن الحسابات العقلية قد تخبر الشخص أن تطلعه هذا قد لا يكون فيه الخير ولا تكمن فيه السعادة المرجوة فإن الغضب والشوق المعتملين فى أعماقه يمنعانه من الاستجابة لنداء العقل والعمل بالحكمة الشعبية القائلة: خذ الذى يحبك دون الذى تحبه. ولعل المحاولات المضنية التى يبذلها الشخص لاسترضاء من لا يلقى إليه بالاً والتى تصل أحياناً إلى حد التذلل وإهانة النفس.. لعلها تكون سبباً فى أن تتسلل الكراهية إلى قلبه بسبب الهوان الذى يحسه، لكنه رغم الكراهية المختلطة بالرغبة فى الفوز لا يتزحزح بسهولة عن المحاولة.. إنه لم يعد يحلم بالظفر بالمحبوب ليسعده، لكن ليذله ويذيقه الهوان، وهذا لعمرى من عجائب السلوك البشرى.. أن يحلم المرء بالفوز ليعاقب غيره على أنه لم يقع فى حبه ولم يتدله فى غرامه! لكنها النفس البشرية المعقدة التى تنفر من السعادة المتاحة ولا تشعر بطعمها، بينما تنشد الحب لدى من لا يملكه.

ولعل قدرة المرأة على التجاهل وإيذاء الطرف الآخر فى مشاعره تفوق قدرة الرجل على نفس الفعل، بسبب أن المرأة اعتادت أن تزهو بجمالها وتعتبره رأسمالها الأساسى فى الحياة، وقد يستتبع هذا جمع المحبين ومشاغلة العشاق والتمتع برؤيتهم يتساقطون على الأعتاب، وقد يكون السبب أيضاً خشيتها من الاندفاع حيث لا يسهل إصلاح الخطأ فى الاختيار.. أما لو كانت هى الطرف الذى يتم تجاهله فقد تصبح شديدة الخطورة لأنها تملك القدرة والمهارة على الغزل والنسج وشغل التريكو البطىء -بعكس الرجل- وحتى لو تأخر ردها فإنه فى الغالب آت. لكن الرجل لا يغزل ولا ينسج لكنه يرد بغشم وتسرع وقد يصيب من كان يحب بجهالة، وهو فى الغالب لن يتورع عن نثر الأقاويل حول من رفضته، وقد يختلق قصة حب وهمية يرويها للناس متهماً الفتاة بالخيانة والتقلب، أو بالطمع والتماس المال عند غيره. كل هذا وأكثر منه قد يحدث فى قصص الحب غير المتبادل.. تكسير عظام وطعن وإيذاء وتشهير واتهامات ظالمة، نتيجة عجز الطرف المرفوض عن مواجهة نفسه بأن من حق كل إنسان أن يحب من يشاء دون أن يتعرض للأذى.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الحب العسير الحب العسير



GMT 12:21 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

التشكيل المنتظر امتحان حسان الأول

GMT 09:37 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

تفّوق إسرائيل التقني منذ 1967

GMT 09:34 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

قد يرن «البيجر» ولا يُجيب

GMT 09:29 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

لبنان... الرأي قبل شجاعة الشجعان

GMT 09:28 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

معضلة الحل في السودان!

GMT 09:25 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

الكشف عن مقبرة مطربي الإله آمون

GMT 09:23 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

مذاق الأيام المتبقية من عُمر السباق

ياسمين صبري بإطلالات أنيقة كررت فيها لمساتها الجمالية

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 19:23 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

5 مدن ساحلية في إيطاليا لمحبي الهدوء والإسترخاء
  مصر اليوم - 5 مدن ساحلية في إيطاليا لمحبي الهدوء والإسترخاء

GMT 10:15 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

أفكار لتزيين واجهة المنزل المودرن والكلاسيكي
  مصر اليوم - أفكار لتزيين واجهة المنزل المودرن والكلاسيكي

GMT 10:57 2020 الإثنين ,07 كانون الأول / ديسمبر

فوائد لا تصدق لقشور جوز الصنوبر

GMT 08:53 2020 الثلاثاء ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

إصابة زوجة محمد صلاح بفيروس كورونا

GMT 08:15 2020 الأربعاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

"حبيب نورمحمدوف" إنجازات رياضية استثنائية وإرث مثير للجدل

GMT 08:45 2020 الإثنين ,19 تشرين الأول / أكتوبر

القصة الكاملة لمرض الإعلامية بسمة وهبة الغامض

GMT 07:16 2020 الإثنين ,19 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الدواجن في مصر اليوم الإثنين 19 تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 09:50 2020 السبت ,10 تشرين الأول / أكتوبر

شقيقان بالإسكندرية يعانيان من مرض جلدى نادر
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon