توقيت القاهرة المحلي 10:37:39 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الحب الملوّث

  مصر اليوم -

الحب الملوّث

بقلم أسامة غريب

الحب الملوّث
هل يمكن لامرأة أن تحب لصاً أو قاتلاً وتتعلق به لدرجة أن تتستر عليه وتشاركه جرائمه؟..

لنجيب محفوظ قصة قصيرة من مجموعة «الشيطان يعظ» اسمها «الحب والقناع».. فى معرض وصفه لامرأة شريفة قال: «هى ليست من النوع الذى يحب الجسد وحده.. ليست من النساء اللاتى يحببن اللصوص والبُرمجية والقتلة.. إنها تحب بروحها وجسدها معاً».

لطالما تحدثت الكتابات عن الحب وقوته وتأثيره فى النفوس وقدرته على العصف بكل ما يواجهه، حتى لو كان قيماً راسخة، وقد ساهمت الأفلام السينمائية فى شيوع أفكار كهذه عندما صورت ابن الباشا يقع فى غرام الخادمة، أو ابنة الأصول تحب السايس، أو أستاذ الجامعة يقع فى هوى الغانية، أو ربة البيت تهيم شغفاً بزعيم عصابة.. كل هذا قدمته السينما تحت لافتة الحب الذى لا يعرف الفوارق ولا يقف فى طريقه أحد. نجيب محفوظ وحده هو مَن أوضح لى أن كل ما سبق يندرج تحت عنوان واحد هو الاشتهاء أو حب الجسد. طافت بخيالى القصة التى كتبها «محفوظ»، الفاهم للنفس البشرية والقادر على توضيح الأفكار بسهولة ويسر بعيداً عن الكليشيهات النمطية التى يرددها الناس كالببغاوات، وكان سبب ورودها على خاطرى جريمة القتل التى قرأت أخبارها بالصحف، وكانت بطلتها امرأة صاحبة كافتيريا قامت بالاشتراك مع عشيقها بقتل الزوج، ثم حمل جثته وبها طلق نارى بالرأس جراء الرصاص الذى أطلقه العشيق والذهاب بالجثة إلى المستشفى والادعاء أن الرجل راح ضحية مظاهرة كان يمر بسيارته بجوارها!.

فى هذه الجريمة يكمن ما تحدث عنه نجيب محفوظ عندما وصف امرأة شريفة بأنها ليست من النوع الذى يحب الجسد وحده، فلا يمكن أن تقع فى غرام قاتل أو لص أو بُرمجى.. فالقتيل كما ذكرت الصحف هو مدير فرع أحد البنوك، أما القاتل فهو شاب صايع تعرفت عليه الزوجة ووظّفته عاملاً فى الكافتيريا التى فتحها لها الزوج.

لا نعلم الظروف والملابسات التى حَدَتْ بالزوجة إلى أن تبتعد عن زوجها بمشاعرها وترتمى فى أحضان عاطل لا يدانى الزوج فى التعليم واليسر المادى والمكانة الاجتماعية، كما لا نفهم لماذا لجأت إلى قتله ولم تطلب الطلاق. لقد كان بإمكانها أن تحفظ على حياة الرجل وأن تنعم بالمجرم الذى أحبته إذا هى تطلقت، وكان فى وسع العاطل القاتل أن يفوز بالعشيقة دون أن تتلوث يداه بالدم.. بل كان بإمكانهما أن يستمرا فى علاقتهما الآثمة من وراء ظهر الزوج دون أن يزعجهما أحد. إننى منذ قرأت أخبار هذه الجريمة لم أتوقف عن التفكير فى الزوج المغدور الذى لم يفعل أى شىء يستحق من أجله أن يموت.. لا هو خان ولا غدر ولا هو آذى الزوجة وصاحبها، وربما لا يعرف القاتل ولا تربطه به عداوة.

ما هذه الحياة العجيبة التى يمكن أن يُقتل فيها المرء بدون سبب، فقط لمجرد أن امرأته غوت وأحبت مجرماً. لقد فسر لنا نجيب محفوظ هذا النوع من الحب بأنه حب الجسد، لكننا نحتاج إليه ليفهمنا لماذا يصل الاشتهاء وحب الجسد إلى جعل امرأة متعلمة لا تكتفى بعشق شاب صايع والهيام به، لكن تقتل زوجها وأب ابنتها من أجله؟!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الحب الملوّث الحب الملوّث



GMT 04:59 2024 الأربعاء ,03 تموز / يوليو

العروبة والوحدة

GMT 04:59 2024 الإثنين ,01 تموز / يوليو

ليت قومى يعقلون

GMT 06:42 2024 السبت ,22 حزيران / يونيو

وارد بلاد برة

GMT 23:52 2024 الثلاثاء ,18 حزيران / يونيو

مأمون الشناوي

GMT 03:14 2024 الجمعة ,14 حزيران / يونيو

الاتفاق العادل غير مطلوب

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 11:07 2020 الجمعة ,24 كانون الثاني / يناير

سعر الذهب في مصر اليوم الجمعة 24 كانون الثاني يناير 2020
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon