توقيت القاهرة المحلي 02:36:47 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الحياة والألم

  مصر اليوم -

الحياة والألم

أسامة غريب

حلم الإنسان منذ الأزل هو السعادة، والسعادة فى حقيقتها ليست سوى حالة كيميائية يبلغها المخ. وقد سعى الإنسان منذ بدء الخليقة إلى الوصول لهذه الحالة الكيميائية العزيزة، وفى هذا السبيل قام بطرق كل باب واتجه لتجريب كل شىء، وكان على استعداد دائم لبذل كل غال لأجل هذه الغاية. وفى الحقيقة إن كيمياء الدماغ هى إحدى معجزات الله فى خلقه، وإنه لشىء عجيب حقاً هذا الذى يحدث داخل المخ البشرى من تفاعلات تنقل الإنسان من حال إلى حال، وأعجب منه ما يحدث لدى أبسط خلل فى النسب أو اضطراب فى التفاعلات..هنا يسقط الإنسان فريسة للاكتئاب وغيره من الأمراض النفسية.

جرّب الإنسان الزواج والتناسل وتكوين أسرة فزادت مخاوفه على الأبناء من الطبيعة ومن وحوش الحيوان والبشر. جرّب الحرب والعدوان لحماية الأسرة فقتل وقُتل، وسبا نساء العدو كما تم استباحة نسائه.. والنتيجة تعاظم جراحه دون أن يبلغ الطمأنينة المنشودة. ازدادت مطامعه بظن أن الامتلاك قد يكفل له السعادة، فراكم الأشياء وسعى للاستحواذ على ما لدى الغير، ولكن لم يزده الشره إلا تعاسة.

أدرك الإنسان أن السعادة هى حالة روحية تأتى من الرضا فأقبل على الأديان يلتمس فيها الراحة والخلاص، لكن برز له الكهنة والوسطاء فأفسدوا صفاءه الروحى عندما تدخلوا بينه وبين وربه وأقاموا من أنفسهم جسوراً يتعين عبورها لدخول الجنة، ووضعوا للعبور رسوماً لا بد أن يدفعها المؤمن ليسمح له بالمرور. المشكلة أن كل المحاولات التى جرت لنزع القداسة والعصمة عن الوسطاء باءت بالفشل نتيجة شدة تغلغلهم فى النفوس واستعداد الأتباع للدفاع بالروح عن أشد الناس فجوراً وبعداً عن الله. وهكذا استمر الأنين إما تحت وطأة الأحبار التقليديين، أو قرنائهم الجدد، بملابس بيير كاردان وكوكو شانيل، الذين يملكون أرصدة بالملايين ويحتلون عقول الناس ووسائل تثقيفهم وإعلامهم.. وقد ضاع مع هؤلاء وانقطع كل أمل فى السعادة.

ما الحل إذن لتعديل النسب الكيميائية فى الدماغ من أجل جلب الراحة والسكينة؟.

لجأ الناس إلى استخدام المخدرات الطبيعية من أجل تسكين الآلام والجراح، فلما لم تعد كافية قاموا بتخليق مواد جديدة لها على المخ تأثير كبير إذ تمنح السعادة فى غياب أسبابها!. وهذا لعمرى أمر رهيب..الحصول على السعادة بدون وجود أسبابها هو الخراب بكل معناه.. فما معنى أن يشعر الإنسان الذى رسب فى الامتحان بنفس شعور الناجح؟. وما معنى أن يشعر المكلوم فى عزيز بشعور من رزق مولوداً؟. وما قيمة الفرح فى دنيا لا وجود لها؟. لكن يبدو أن هذا هو كل ما بقى للإنسان الذى يريد أن يبتعد عن الانتحار هرباً من الملل أو من تحريض الكهّان!.

و لكن أليس هذا أيضاً شكلاً مفجعاً من أشكال القضاء على الحياة؟.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الحياة والألم الحياة والألم



GMT 09:38 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

لمن يهتف المتظاهرون؟

GMT 09:36 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

من دفتر الجماعة والمحروسة

GMT 09:35 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

السلام في أوكرانيا يعيد روسيا إلى عائلة الأمم!

GMT 09:33 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

«وباء العنف الجنسي» في حرب السودان

GMT 09:32 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

أيُّ غدٍ للبنان بعد الحرب؟

GMT 09:30 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

المتحف المصري الكبير

GMT 09:29 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

اعتقال نتنياهو بين الخيال والواقع

GMT 09:28 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

أما رابعهم فهو المُدَّعي خان

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 23:48 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يناقش إبعاد بعض وسائل الإعلام من البيت الأبيض مع نجله
  مصر اليوم - ترامب يناقش إبعاد بعض  وسائل الإعلام من البيت الأبيض مع نجله

GMT 03:10 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

داليدا خليل تستعد للمشاركة في الدراما المصرية

GMT 21:21 2015 الأربعاء ,15 إبريل / نيسان

أهالي قرية السلاموني يعانون من الغرامات

GMT 02:17 2016 الثلاثاء ,21 حزيران / يونيو

فوائد عصير الكرانبري لعلاج السلس البولي

GMT 01:18 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

سامسونج تكشف عن نسخة باللون الأحمر من جلاكسى S8

GMT 17:27 2022 الثلاثاء ,25 تشرين الأول / أكتوبر

أطعمة تمنع مرض الزهايمر أبرزها الأسماك الدهنية

GMT 15:02 2021 الإثنين ,11 تشرين الأول / أكتوبر

ريلمي تعلن موعد إطلاق النسخة الجديدة من هاتف Realme GT Neo2T

GMT 13:46 2021 الثلاثاء ,05 تشرين الأول / أكتوبر

رامي جمال يروج لأغنية "خليكي" بعد عودة انستجرام

GMT 04:47 2021 الأربعاء ,08 أيلول / سبتمبر

{غولدمان ساكس} يخفض توقعات نمو الاقتصاد الأميركي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon