توقيت القاهرة المحلي 23:57:43 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الحياة والألم

  مصر اليوم -

الحياة والألم

أسامة غريب

حلم الإنسان منذ الأزل هو السعادة، والسعادة فى حقيقتها ليست سوى حالة كيميائية يبلغها المخ. وقد سعى الإنسان منذ بدء الخليقة إلى الوصول لهذه الحالة الكيميائية العزيزة، وفى هذا السبيل قام بطرق كل باب واتجه لتجريب كل شىء، وكان على استعداد دائم لبذل كل غال لأجل هذه الغاية. وفى الحقيقة إن كيمياء الدماغ هى إحدى معجزات الله فى خلقه، وإنه لشىء عجيب حقاً هذا الذى يحدث داخل المخ البشرى من تفاعلات تنقل الإنسان من حال إلى حال، وأعجب منه ما يحدث لدى أبسط خلل فى النسب أو اضطراب فى التفاعلات..هنا يسقط الإنسان فريسة للاكتئاب وغيره من الأمراض النفسية.

جرّب الإنسان الزواج والتناسل وتكوين أسرة فزادت مخاوفه على الأبناء من الطبيعة ومن وحوش الحيوان والبشر. جرّب الحرب والعدوان لحماية الأسرة فقتل وقُتل، وسبا نساء العدو كما تم استباحة نسائه.. والنتيجة تعاظم جراحه دون أن يبلغ الطمأنينة المنشودة. ازدادت مطامعه بظن أن الامتلاك قد يكفل له السعادة، فراكم الأشياء وسعى للاستحواذ على ما لدى الغير، ولكن لم يزده الشره إلا تعاسة.

أدرك الإنسان أن السعادة هى حالة روحية تأتى من الرضا فأقبل على الأديان يلتمس فيها الراحة والخلاص، لكن برز له الكهنة والوسطاء فأفسدوا صفاءه الروحى عندما تدخلوا بينه وبين وربه وأقاموا من أنفسهم جسوراً يتعين عبورها لدخول الجنة، ووضعوا للعبور رسوماً لا بد أن يدفعها المؤمن ليسمح له بالمرور. المشكلة أن كل المحاولات التى جرت لنزع القداسة والعصمة عن الوسطاء باءت بالفشل نتيجة شدة تغلغلهم فى النفوس واستعداد الأتباع للدفاع بالروح عن أشد الناس فجوراً وبعداً عن الله. وهكذا استمر الأنين إما تحت وطأة الأحبار التقليديين، أو قرنائهم الجدد، بملابس بيير كاردان وكوكو شانيل، الذين يملكون أرصدة بالملايين ويحتلون عقول الناس ووسائل تثقيفهم وإعلامهم.. وقد ضاع مع هؤلاء وانقطع كل أمل فى السعادة.

ما الحل إذن لتعديل النسب الكيميائية فى الدماغ من أجل جلب الراحة والسكينة؟.

لجأ الناس إلى استخدام المخدرات الطبيعية من أجل تسكين الآلام والجراح، فلما لم تعد كافية قاموا بتخليق مواد جديدة لها على المخ تأثير كبير إذ تمنح السعادة فى غياب أسبابها!. وهذا لعمرى أمر رهيب..الحصول على السعادة بدون وجود أسبابها هو الخراب بكل معناه.. فما معنى أن يشعر الإنسان الذى رسب فى الامتحان بنفس شعور الناجح؟. وما معنى أن يشعر المكلوم فى عزيز بشعور من رزق مولوداً؟. وما قيمة الفرح فى دنيا لا وجود لها؟. لكن يبدو أن هذا هو كل ما بقى للإنسان الذى يريد أن يبتعد عن الانتحار هرباً من الملل أو من تحريض الكهّان!.

و لكن أليس هذا أيضاً شكلاً مفجعاً من أشكال القضاء على الحياة؟.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الحياة والألم الحياة والألم



GMT 12:21 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

التشكيل المنتظر امتحان حسان الأول

GMT 09:37 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

تفّوق إسرائيل التقني منذ 1967

GMT 09:34 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

قد يرن «البيجر» ولا يُجيب

GMT 09:29 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

لبنان... الرأي قبل شجاعة الشجعان

GMT 09:28 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

معضلة الحل في السودان!

GMT 09:25 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

الكشف عن مقبرة مطربي الإله آمون

GMT 09:23 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

مذاق الأيام المتبقية من عُمر السباق

ياسمين صبري بإطلالات أنيقة كررت فيها لمساتها الجمالية

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 19:23 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

5 مدن ساحلية في إيطاليا لمحبي الهدوء والإسترخاء
  مصر اليوم - 5 مدن ساحلية في إيطاليا لمحبي الهدوء والإسترخاء

GMT 10:15 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

أفكار لتزيين واجهة المنزل المودرن والكلاسيكي
  مصر اليوم - أفكار لتزيين واجهة المنزل المودرن والكلاسيكي

GMT 10:57 2020 الإثنين ,07 كانون الأول / ديسمبر

فوائد لا تصدق لقشور جوز الصنوبر

GMT 08:53 2020 الثلاثاء ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

إصابة زوجة محمد صلاح بفيروس كورونا

GMT 08:15 2020 الأربعاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

"حبيب نورمحمدوف" إنجازات رياضية استثنائية وإرث مثير للجدل

GMT 08:45 2020 الإثنين ,19 تشرين الأول / أكتوبر

القصة الكاملة لمرض الإعلامية بسمة وهبة الغامض

GMT 07:16 2020 الإثنين ,19 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الدواجن في مصر اليوم الإثنين 19 تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 09:50 2020 السبت ,10 تشرين الأول / أكتوبر

شقيقان بالإسكندرية يعانيان من مرض جلدى نادر
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon