أسامة غريب
ممارسة الرياضة من جانب حكام وزعماء العالم ليست شيئاً مستغرباً، وأمامنا الرئيس أوباما كمثال عرفناه لاعباً ماهراً لكرة السلة، وقد حصل فريق مدرسته بفضله على البطولة عندما كان فى السنة النهائية فى مدرسة بوناهو فى هاواى عام 1979.. ولا ننسى كذلك مباراته الشهيرة فى شيكاغو التى بثتها قناة «سى إن إن» عشية إعلان نتائج الانتخابات الرئاسية 2008 التى أصبح بموجبها أوباما رئيساً للولايات المتحدة. كذلك الرئيس السابق بوش كان بارعاً فى قيادة الدراجات، وأيضاً ساركوزى رئيس فرنسا السابق كان هاوياً لرياضة الجرى، ولا ننسى الرئيس الروسى بوتين بطل مدينة بطرسبورج السابق فى رياضة الجودو.
لكن الذى يفوق كل هؤلاء فى شغفه بالرياضة هو الرئيس «ايفو موراليس» رئيس بوليفيا الذى يهوى كرة القدم بجنون. وغير بعيد الأزمة التى دخل فيها مع جوزيف بلاتر بعد قراره بعدم إقامة المباريات الدولية فى مدن ترتفع بأكثر من 2500 قدم فوق سطح البحر حتى لا يتعرض اللعبون للإرهاق نتيجة قلة الأوكسيجين، وهو الأمر الذى عنى استبعاد مدينة «لاباز» عاصمة بوليفيا وحرمان المنتخب البوليفى من اللعب على أرضه.
ومن المعروف أن الرئيس موراليس لا يكتفى بتشجيع فريق بلده، لكنه يلعب الكرة أيضاً ويشارك فى كثير من المباريات فى مركز رأس الحربة. ومن أشهر مبارياته تلك التى جرت بين فريق رئاسى وآخر تابع للبلدية بمناسبة افتتاح ملعب جديد فى العاصمة. لعب الفريق الرئاسى بقيادة موراليس وفريق البلدية بقيادة دانيال كورتاخينا وهو لاعب مدافع له توجهات سياسية وكان عضواً فى حزب الرئيس فى السابق، غير أنه تحوّل إلى المعارضة وصار يتبع حزباً سياسياً اسمه «الحركة بدون خوف». ويبدو أنه استلهم اسم حزبه فتحرك بدون خوف وانقض على الرئيس فى الملعب فركله بكعب قدمه ركلة قاسية أطارت صواب الرئيس الذى لم يكتف بقرار الحكم بطرد اللاعب، لكن اندفع نحوه فى إصرار ووجه له ضربة عنيفة تحت الحزام بين قدميه فأسقطه أرضاً يتلوى من الألم.
بعد المباراة حاولت الشرطة القبض على اللاعب غير أن تدخل رئيس البلدية حال دون ذلك. وقد صرح اللاعب بأنه كان يؤدى فى الملعب بشكل طبيعى ولم يتعمد إيذاء الرئيس. أما موراليس فقد أشار عليه أطباؤه بالراحة لثلاثة أيام وتم معالجته بالمسكنات ومضادات الالتهاب.
وأعتقد أن الدرس المستفاد من هذه المباراة والذى يتعين على كل لاعب أن يعيه أنّ اللعب مع الرئيس له أصول وله حدود، وأن من يتعدى تلك الحدود سوف يخرج من الملعب على ظهره بعد أن يقوم الرئيس بضربه فى المحاشم دون أن يجروء حكم المباراة على التدخل بطرد الرئيس كما قام بطرد اللاعب المنافس!.
ولعله ينبغى لهذا اللاعب أن يحمد ربه لأن حالة الديمقراطية الناشئة فى بوليفيا والحراك السياسى بها مع إمكانية تداول السلطة قد جعلت الأمر يقف عند هذا الحد.. ولنا أن نتصور ما كان يمكن أن يحدث فى بلاد أخرى لو أن لاعباً فكر فى أن يقترب من الرئيس لمسافة خمسة أمتار وكم الرصاص المصبوب الذى كان سيمزق اللاعب واللاعبين القريبين منه والحَكَم وحامل الراية.. هذا غير أسرته وأصدقائه وجيرانه الذين كانت ستتعرض محاشمهم للدهس المريع!.