توقيت القاهرة المحلي 14:28:58 آخر تحديث
  مصر اليوم -

حوار الأديان

  مصر اليوم -

حوار الأديان

أسامة غريب

كلما قرأت عن جولة جديدة لما يسمى «حوار الأديان» غرقت فى الضحك، ذلك أننى لا أفهم كيف يمكن أن يكون هناك حوار بين الأديان أو بالأحرى بين ممثلى هذه الأديان.. وقبل هذا لا أفهم كيف يتم اختيار ممثلى الأديان من بين عشرات الألوف من رجال الدين.. هل بالقرعة أم أنهم يدخلون تصفيات قد يحتكم فيها لضربات الجزاء الترجيحية لتقرير مَن الذى يسافر ويحصل على بدل السفر والإقامة المجانية وعدسات المصورين قبل أن يعود إلى بلده مكللاً بغار التسامح وقبول الآخر، وهى المصطلحات الأثيرة فى مؤتمرات حوارات الأديان؟

لقد أنشأوا على ضفاف هذه المصطلحات مراكز عديدة فى مختلف عواصم العالم، تتبارى فى استضافتها لمؤتمرات حوارات الأديان، وتتفوق فى هذا الصدد العواصم التى أتى منها المتهمون بالإرهاب من جانب الغرب، ربما درءاً للتهمة وإثباتاً لحسن السير والسلوك.. وأحياناً تتفضل عاصمة غربية باستضافة مؤتمر من هذه تقدم فيه ورقات عمل وورش عصف ذهنى ومحاضرات، خلاصتها أننا جميعاً يجب أن نحب بعضنا بعضاً، ونتحلى بالخلق القويم، ونساهم فى نشر السلام والمحبة فى ربوع الأرض. والحقيقة أننى لطالما تمنيت أن تدعونى هيئة أو مركز من مراكز حوار الأديان لأستمتع بالأنس والسرور والنزهات والجولات المجانية، ثم أعود منها لأجلس مع هؤلاء الناس وجهاً لوجه وأنظر فى أعينهم وهم يتحدثون، ذلك أننى أعتقد فى نفسى القدرة على سبر أغوار البكاشين وكشف دواخل الأونطجية وتشمم رائحة العيارين من كل صنف ولون!. ويا حبذا لو كان الحوار مقصوراً على من نسميهم أصحاب الديانات السماوية حتى يكون الضحك للركب، ذلك أن المسلمين فقط هم من يقرّون بوجود ثلاثة أديان سماوية هى: الإسلام والمسيحية واليهودية، أما المسيحيون فيؤمنون باثنين فقط: المسيحية والإسلام، وطبيعى أن أبناء شعب الله المختار «اليهود» لن يتصوروا وجود دين سماوى حقيقى غير رسالة موسى. وهذا الاعتقاد من جانب أصحاب الديانات منطقى تماماً، فلو أن المسيحيين أو اليهود آمنوا بنبوة محمد وأقروا بصحة رسالته لصاروا مسلمين!.. هذه هى الحقيقة، ومع ذلك فإنهم يجلسون مع بعض متظاهرين بالتسامح والورع، ينتقلون من جلسة الحوار إلى بوفيه الغذاء، ثم يعودون لجلسة حديث عن الحنان والمحبة قبل أن يسهروا مع حفل كوكتيل فى باخرة أسطورية أو فندق باذخ.

واقع الأمر أننى عندما تحدثت عن البكش والأونطة لم أكن ألقى بالتهم جزافاً، ولكن أحداً ممن شاركوا فى حوارات من هذا النوع قال على مسمع منى إنه نجح فى هداية بعض حضور المؤتمر إلى الإسلام! وهذا هراء بكل معنى الكلمة أولاً، لأن المؤتمر غرضه الحوار وليس الدعوة، وثانياً لأن معظم الحضور من كل الأديان هم فى الغالب من غلاة المتعصبين الذين لا يبيع أحدهم معتقداته التى يأكل منها الشهد من أجل كلمتين سمعهم من رجل طيب على الماشى!. وإذا كانت هذه اللقاءات تتم بغرض التعارف ومحاولة فهم الآخر، فهل ينقل السادة الحضور لأتباعهم الأشياء الطيبة التى لمسوها فى أديان الآخرين، فيساهمون بهذا فى تبوير بضاعتهم القائمة على تسفيه الآخر والسخرية من معتقداته المضحكة!.

أعتقد أن المشاعر الحقيقية التى يكنّها ممثلو الديانات المختلفة لغيرهم ستظل مخفية، ولو أنهم أفصحوا عنها فلربما قاموا بسب الدين لبعضهم البعض!.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حوار الأديان حوار الأديان



GMT 09:03 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

شالوم ظريف والمصالحة

GMT 09:02 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

مسرح القيامة

GMT 09:01 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان... و«اليوم التالي»

GMT 09:00 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

لماذا توثيق «الصحوة» ضرورة وليس ترَفاً!؟

GMT 08:59 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

جهود هوكستين: إنقاذ لبنان أم تعويم «حزب الله»؟

GMT 08:57 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

الوجدان... ليست له قطع غيار

GMT 08:55 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

«فيروز».. عيونُنا إليكِ ترحلُ كلَّ يوم

GMT 08:54 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

ذكرى شهداء الروضة!

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 11:07 2020 الجمعة ,24 كانون الثاني / يناير

سعر الذهب في مصر اليوم الجمعة 24 كانون الثاني يناير 2020
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon