توقيت القاهرة المحلي 10:37:39 آخر تحديث
  مصر اليوم -

كلمات وألحان

  مصر اليوم -

كلمات وألحان

أسامة غريب

العلاقة بين كلمات الأغنية لحنها ليست دائماً فى خط واحد، فبعض الملحنين يتذوق الكلمة الحلوة وبعضهم الآخر لا يفعل، وهناك من بين الملحنين الذين يحسون بالكلمة مَن يقدمها فى صورة بهية تسمح بهضمها واستيعابها، وهناك من يستكثرون على المؤلف أن تتجلى حلاوة كلماته فتزاحم اللحن، وقد تستحوذ على أذن المستمع فتمنح الشاعر تقديراً على غير رغبة الملحن!. وفى دنيا المزيكا عرفنا الفنان الموهوب بليغ حمدى لا يهتم أو لعله لا يفرّق بين الكلمات الجيدة والكلمات الرديئة.. يشاركه ذات العلة عبدالحليم حافظ الذى كان يتظاهر بالاهتمام الشديد بالكلمة بينما شهدت بداياته أغنيات ركيكة الكلمات مثل «صافينى مرة» كما شهدت سنواته الأخيرة اكتفاء بكلمات «محمد حمزة» العادية، بينما كان صلاح جاهين ومرسى جميل عزيز وعبدالرحمن مصطفى أحياء يرزقون!.


أما عبدالوهاب فقد كان يُحسن اختيار الكلمات لكن لا يسمح للمؤلف بالظهور الطاغى خشية أن يقفز الناس فوق اللحن ويتذكروا الكلمات، وكانت له بحكم تمكنه الموسيقى قدرة على عمل فرشات لحنية لا تأخذ الكلمات فى الاعتبار.. مثال أغنية ودارت الأيام حيث كتب مأمون الشناوى: أهرب من قلبى أروح على فين/ ليالينا الحلوة ف كل مكان. مليناها حب إحنا الاتنين/ وملينا الدنيا أمل وحنان. يتوقف عبدالوهاب فى اللحن عند كلمة أمل ويتعمد ألا يكمل القول أمل وحنان.. وبهذا يضيع على المستمع فرصة تذوق الكلمات مقفّاة وتكاد تلحّن نفسها.

وعلى العكس من ذلك تماماً كان عمار الشريعى، وهو الفنان الذى يتجلى فى أغنياته كلها حبه للمؤلف وتقديره للكلمة ورغبته فى أن تأخذ حقها لدى المستمع، خاصة عندما يلحن من كلمات سيد حجاب. حقاً كان عمار الشريعى رجلاً منصفاً شديد الورع، لذلك كان من الصعب عليه بعد أن يجد بين يديه كلمات تقول: بَرَكة دُعا الوالدين فى يوم الدين. تحمينا من شر العدا اللابدين. وكلنا شاهدين. وقلوبنا متّاخدين. وأميرة راجعة أميرة فى عابدين.. أقول يصعب عليه أن يجد كلمات مخدومة بهذا الشكل ومكتوبة بهذا الاعتناء ثم يميّعها ليحصل لحنه وحده على الاستحسان. ومن آيات تميز سيد حجاب واقتداره فى هذه الأغنية أن أى أحد غيره كان يمكن أن يكتفى بالياء والنون كقافية، مثل أن يقول: عارفين وفاهمين، ولم يكن أحد ليغضب.. لكن حجاب الجبار لا يقبل بأقل من أن يتحدى نفسه فيجعل كلمة «دين» نهاية كل مقطع، وهو أمر لو تعلمون عسير ويدل على تمكن لغوى لا يفقد صاحبه الشاعرية. وتلاحظ أن لحن الشريعى اتكأ على مقطع «دين» ليقدم صاحبه الشاعر فى أجمل صورة، على العكس مما كان يمكن أن يفعل عبدالوهاب مع كلمات كهذه!. ولعل تقديرى لرقة الشريعى وموهبته، وكذلك شاعرية حجاب وتدفقه عائد إلى أن سوق الغناء كثيراً ما امتلأ بكلمات تحمل الاستسهال والجدب مثل بعض ما كان يكتبه الأستاذ سيد مرسى ومنه أغنية تقول: وف ليلة قابلوه كلموه سـألوه، عن اسمى سألوه، عن حبى سألوه قال ما أعرفوش ما قابلتوش ما شفتوش ما عاشرتوش.. والغريب أن بليغ حمدى قبِل أن يلحن «متلازمة أوش» هذه دون أى وَجَل!.

وأكتفى بهذا القدر لأن المساحة التى تخنقنى لا تسمح بالمزيد!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كلمات وألحان كلمات وألحان



GMT 09:03 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

شالوم ظريف والمصالحة

GMT 09:02 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

مسرح القيامة

GMT 09:01 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان... و«اليوم التالي»

GMT 09:00 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

لماذا توثيق «الصحوة» ضرورة وليس ترَفاً!؟

GMT 08:59 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

جهود هوكستين: إنقاذ لبنان أم تعويم «حزب الله»؟

GMT 08:57 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

الوجدان... ليست له قطع غيار

GMT 08:55 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

«فيروز».. عيونُنا إليكِ ترحلُ كلَّ يوم

GMT 08:54 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

ذكرى شهداء الروضة!

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 11:07 2020 الجمعة ,24 كانون الثاني / يناير

سعر الذهب في مصر اليوم الجمعة 24 كانون الثاني يناير 2020
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon