توقيت القاهرة المحلي 11:17:44 آخر تحديث
  مصر اليوم -

لا تدعهم يلتقون

  مصر اليوم -

لا تدعهم يلتقون

بقلم أسامة غريب

ربما تكون وثائق بنما التى ظهرت مؤخراً قد كشفت جانباً من فساد الحكام العرب، لكنها لم تشرح أسبابه، وفى تصورى أن مؤتمرات القمة التى تجمع كل الحكام العرب هى أصل المشكلة، لأنهم حين يلتقون فإنه من الطبيعى أنهم يتفاعلون ويقتربون من بعض إنسانياً ويتبادلون المعارف والخبرات.

ولما كانوا فى غالبيتهم من الجهلة الذين لم يدخلوا مدارس من الأساس، أو من الجهلة الذين دخلوا مدارس وخرجوا منها كما دخلوا، فإنهم لا يتورعون عن ممارسة الكيد ضد بعضهم البعض، فمنهم الملك الذى يتيه على الآخرين بالقصر الذى اشتراه فى جزر الآزور وبنى جدرانه من الذهب الخالص لتمضية يوم واحد فى السنة، ومنهم الشيخ الذى يحدثهم عن العراف الهندى الذى التقاه وأصبح يثق فيه ولا يتخذ قراراً دون مشورته، خاصة بعد أن نبهه إلى مؤامرات القصر التى كانت تدبر ضده، ومنهم الرئيس الذى يتضايق من حواديت الشيوخ السفيهة عن المال والخرافات فيسعى لأن يبهرهم ويبث الرعب فى قلوبهم بأن يحكى لهم عن عدد الرقاب التى قطعها خلال الشهر الأخير وعدد الذين ألقى بهم فى السجون، ومنهم الأمير الذى فاتته الحلقة الأخيرة من المسلسل التركى ويريد أن يعرف ما حدث لمهند، ومنهم الزعيم الذى يحكى لهم عن الخلطة السرية التى تطيل العمر والتى جند علماء سويسرا لاختراعها حتى أتوا له بحقنة الإكسير التى أبعدت عنه الشيخوخة وأمدته بفحولة أصبحت تشكل عبئاً على حريمه!.

ولما كان أولئك الناس فى الغالب غير محصنين بالتربية ولا بالتعليم، فإن جلساتهم سوياً واندماجهم فى الأنس والسرور تجعلهم يتأثرون ببعض، ويرغب كل منهم فى تقليد شقيقه فيما يفعله.. ومن هنا فى الحقيقة أتت كل الكوارث التى يعانيها المواطن العربى، فالبلد العربى البسيط الذى ما زال الناس فيه على الفطرة، والذى لا يعرف سياسة تعذيب المواطنين بواسطة أجهزة الأمن، يشعر شيخه بالغيرة من الرئيس قاطع الرقاب فيسعى لاستيراد الخبرة الأمنية من عنده.

أما البلد الرئاسى الذى يفترض أنه محكوم بدستور وقانون، ويفترض أن الرئيس فيه موظف له راتب، فإن زعيمه لا يتصور أبداً أن يكون الملك فلان أو الأمير علان أو الشيخ ترتان - وهو يفضلهم - يستطيعون شراء جزر بأكملها وهو لا يستطيع، ويتمكنون من جلب العرافين الذين يحافظون لهم على ملكهم إلى الأبد وهو لا يتمكن، ويستأثرون بالخلطات التى تطيل العمر وتقوى الباه وتغلظه، بينما يكتفى هو بصبغ شعره كما يستطيع أن يفعل أى صعلوك!.. من هنا ينفتح الباب على خلط المال العام بماليته الخاصة، وهو فى هذا يتأسى بأشقائه الذين يحكمون بلاداً ليس بها رقابة ولا مساءلة، وكل ما تخرجه الأرض من ثروات هو ملك خالص للحكام.. كذلك يرى أولاده أنهم ليسوا أقل من الأمراء من أبناء أشقائه الملوك، لذلك يسعى ليجعلهم أثرياء بلا حدود!.

لذا فإن الحل المقترح لتحجيم منسوب الفساد العربى هو إلغاء مؤتمرات القمة والحؤول دون جلوسهم سوياً، لأنه قد ثبت أنهم يفسدون بعضهم بعضاً، فضلاً عن ذلك فإن القرارات المصيرية تأتيهم من الخارج فيبصمون عليها، ومن الأفضل أن يبصم كل واحد وهو فى بلده!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لا تدعهم يلتقون لا تدعهم يلتقون



GMT 04:59 2024 الأربعاء ,03 تموز / يوليو

العروبة والوحدة

GMT 04:59 2024 الإثنين ,01 تموز / يوليو

ليت قومى يعقلون

GMT 06:42 2024 السبت ,22 حزيران / يونيو

وارد بلاد برة

GMT 23:52 2024 الثلاثاء ,18 حزيران / يونيو

مأمون الشناوي

GMT 03:14 2024 الجمعة ,14 حزيران / يونيو

الاتفاق العادل غير مطلوب

إطلالات عملية ومريحة للنجمات في مهرجان الجونة أبرزها ليسرا وهند صبري

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 18:09 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

بانكوك وجهة سياحية أوروبية تجمع بين الثقافة والترفيه
  مصر اليوم - بانكوك وجهة سياحية أوروبية تجمع بين الثقافة والترفيه

GMT 09:06 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

وزيرا خارجية مصر وأميركا يبحثان هاتفيا الوضع في الشرق الأوسط
  مصر اليوم - وزيرا خارجية مصر وأميركا يبحثان هاتفيا الوضع في الشرق الأوسط

GMT 10:57 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

درّة تكشف تفاصيل دخولها لعالم الإخراج للمرة الأولى
  مصر اليوم - درّة تكشف تفاصيل دخولها لعالم الإخراج للمرة الأولى

GMT 09:38 2021 الإثنين ,20 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم الإثنين 20/9/2021 برج الحوت

GMT 00:05 2023 الثلاثاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الأهلي يستقر على التجديد لعمرو السولية

GMT 07:13 2021 الثلاثاء ,20 تموز / يوليو

جزء ثانٍ من فيلم «موسى» في صيف 2022 قيد الدراسة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon