توقيت القاهرة المحلي 14:08:52 آخر تحديث
  مصر اليوم -

لا عليّ ولا ليا

  مصر اليوم -

لا عليّ ولا ليا

أسامة غريب

يقول الشاعر قيس بن الملوح، الشهير بمجنون ليلى، فى قصيدته المعروفة باسم المؤنسة: «تذكرت ليلى والسنين الخواليا.. وأيام لا نخش على اللهو ناهيا» حتى يصل إلى البيت القائل: «فيا رب سوِّ الحب بينى وبينها.. يكون كفافاً لا علىّ ولا ليا». تتجلى عبقرية هذا البيت فى الحقيقة التى اكتشفها قيس بفطرته السليمة التى لم تفسدها قراءة الصحف ولا مشاهدة التليفزيون. لقد توصل العاشق ودليله الألم والعذاب إلى أن أساس السعادة فى الحب هو التكافؤ، أى أن يكون حبها له مكافئاً لحبه، وإلا فالتعاسة ستكون مصير الطرف الذى يزيد حبه على الطرف الآخر. وصل قيس إلى هذا من غير أن يستمع لنصيحة طبيب نفسى أو خبير تنمية بشرية، وعرف أن الحب من طرف واحد يدفع إلى الجنون، لهذا لم يطلب من الله أن تحبه ليلى أضعاف حبه لها، لكن طلب أن تحبه بشكل مساو ومكافئ لما لديه من مشاعر.. لا أكثر.

وفى الحقيقة أن قيساً كان أكثر شجاعة وصدقاً من الكثير من الأدباء والشعراء فى عصرنا الحديث الذين صادفوا الفشل فى الحب، وبدلاً من أن يقبلوا بحقيقة أن المحبوبة لا تبادلهم مشاعرهم وأن حبهم من طرف واحد، اخترعوا حكاية كاذبة مؤداها أن المرأة تشكل لغزاً أبدياً يصعب فهمه، وأنها عبارة عن مخلوق غامض فشل الرجل فى سبر أغواره واكتشاف حقيقته!. وهى حيلة ماكرة تلقفها كل العشاق الخائبين الذين أحبوا بلا أمل، وصار كل منهم يردد ذات الأسطوانة المشروخة عن المرأة اللغز، بديلاً عن الاعتراف بأن سبب إعراضها عنه وصدها له هو أنها ببساطة لا تحبه!. ولا ننكر هنا أن المرأة بطبعها المراوغ وهوايتها جمع المحبين قد ترسل بين الحين والآخر إشارات ملتبسة تفتح باب الأمل وتغلقه. لكنها لا تفعل هذا إلا مع رجل لا تحبه ولا يعنى لها شيئاً. أما الرجال الذين يحظون بعلاقات حب سليمة ومتكافئة لم نسمع منهم أبداً عن حكاية المرأة اللغز أو المرأة التى لا تصون العهد ولا تحفظ الود.

والمؤسف أن العشاق الذين قاسوا آلام الحب المرفوض لم يكتفوا- خاصة الشعراء منهم- بالحديث عن الغموض والتقلب، وإنما أضافوا إليه الاتهام بالخيانة والكذب. ومن أشهر آيات هذا الاتهام قصيدة «لا تكذبى» للشاعر الكبير كامل الشناوى، الذى قيل إنه هام حباً بالمطربة نجاة الصغيرة رغم الفارق الكبير بينهما فى العمر وفى الحجم!. وفى القصيدة يبدى صدمته بضبطها مع رجل آخر، وذلك دون أن يعترف بأنها لم تبادله مشاعره واعتبرته فقط بمثابة الأب والأستاذ، ثم لا يتردد فى أن يكيل لها الاتهامات كما لو كانت قد عاهدته على الحب ثم نقضت العهد!.

ولا يشترط أن يكون من يقاسى عذاب الحب من طرف واحد رجلاً يكبر المحبوب فى السن أو ينتمى لجيل آخر، ومع ذلك فإن من كلاسيكيات النُكت المعبرة عن هذه الحالة نكتة بابا نويل الذى كان يمر بالشارع عندما لمح فتاة حسناء تقف بالشباك، فبهره حسنها وجمالها وتسمّر فى مكانه عاجزاً عن النطق، وعندما رأته الفتاة فإنها هتفت متهللة: أوه بابا نويل، فما كان منه إلا أن بادرها مسرعاً: بلاش بابا دى.. قولى لى يا نويل!.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لا عليّ ولا ليا لا عليّ ولا ليا



GMT 09:03 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

شالوم ظريف والمصالحة

GMT 09:02 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

مسرح القيامة

GMT 09:01 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان... و«اليوم التالي»

GMT 09:00 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

لماذا توثيق «الصحوة» ضرورة وليس ترَفاً!؟

GMT 08:59 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

جهود هوكستين: إنقاذ لبنان أم تعويم «حزب الله»؟

GMT 08:57 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

الوجدان... ليست له قطع غيار

GMT 08:55 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

«فيروز».. عيونُنا إليكِ ترحلُ كلَّ يوم

GMT 08:54 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

ذكرى شهداء الروضة!

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 11:07 2020 الجمعة ,24 كانون الثاني / يناير

سعر الذهب في مصر اليوم الجمعة 24 كانون الثاني يناير 2020
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon