توقيت القاهرة المحلي 10:37:39 آخر تحديث
  مصر اليوم -

لا مؤاخذة يا هيتشكوك

  مصر اليوم -

لا مؤاخذة يا هيتشكوك

أسامة غريب

عندما سُئل المخرج البريطانى الكبير ألفريد هيتشكوك عن الطول المناسب الذى ينبغى أن يكون عليه الفيلم قال: طول الفيلم يعتمد على قدرة المثانة البشرية على الاحتمال!.

يقصد طبعاً أن الفيلم إذا طال أكثر مما ينبغى فإن المُشاهد قد يضطر إلى مغادرة الصالة والذهاب للحمام فتضيع عليه دقائق قد تكون حاسمة فى فهم الفيلم. لم يخطر ببال هيتشكوك بأى حال من الأحوال إمكانية قطع الفيلم فى منتصفه من أجل السماح للجمهور بدخول الحمام، إذ إن هذه الفكرة عند صنّاع السينما هى أسخف وأقبح ما يمكن أن يتعرض له فيلم، وهى تعتبر استهانة من جانب دار العرض والجمهور بالعمل الفنى ومعاملته على نحو فظّ. لا يعلم رائد أفلام الإثارة والرعب أن هناك دولة واحدة من بين دول العالم جرؤ أصحاب دور العرض فيها، باتفاق جماعى، على قطع الفيلم وإخراج المتفرجين من الحالة السينمائية التى كانوا عليها، ليس لاستخدام الحمام وإنما لإدخالهم فى حالة أخرى مفرداتها هى اللب والفشار والقزقزة.. مما يؤسف له أن هذه الدولة هى مصر التى كانوا يسمونها فى السابق هوليوود الشرق، ليس فقط لغزارة إنتاجها الفنى، وإنما لحفاظها على التقاليد السينمائية التى تكفل للفيلم العرض فى جو سينمائى طبيعى!. ما حدث للأسف هو أن أصحاب دار العرض أرادوا تأجير الكافيتريا بثمن مرتفع لا يتسم بالإنصاف، وهنا وجد الراغبون فى الاستئجار أن الوقت الذى يسبق العرض غير كافٍ لتحقيق الربح المأمول بعد دفع الإيجار، لهذا فإنهم قرروا أن يستثمروا حالة «السويقة» التى أصبح عليها الوطن، فاشترطوا على السينما أن تقوم بقطع الفيلم فى منتصفه لمدة عشر دقائق حتى تكون هناك فرصة كبيرة فى خروج الجمهور لشراء المسليات والمشروبات. ولم يجد أصحاب دار العرض غضاضة فى أن يقبلوا بهذا الشرط طالما أنهم يقبضون وطالما أن الدولة فى حالة تعسيلة. لا يبالى من يفعلون هذا بأنهم يسيئون للفيلم وصناعه ويقطعون التسلسل الدرامى ويُخرجون المشاهدين من تركيزهم، كما يُحدثون فوضى داخل السينما عندما يحاول الناس العودة لأماكنهم من جديد، بينما العرض قد استُؤنف فى غياب معظم المتفرجين. ولا يدرى من يفعلون هذا أنه فى السالف كان من الممكن للموظف القابع بالغرفة العلوية والذى يقوم بعرض الشريط السينمائى أن يتوقف عند نهاية بَكَرَة من بكرات الفيلم فيكون القطع به شىء من المنطق، أما الآن بعد أن أصبحت الأفلام ديجيتال فإن الموظف يدوس «ستوب» فى أى لحظة ولا شأن له إذا كان التوقف يحدث بصورة عشوائية مؤلمة.. وهذا فى حقيقته ينطوى على إفساد لذوق المشاهد وإفقاده الرؤية الصائبة فى النظر إلى العمل والاستمتاع به أو تقييمه.

ولما كانت الأفعال الرديئة لا تأتى فرادى فإن أصحاب دار العرض بالاشتراك مع مستأجر الكافيتريا يضعون على الباب لافتة سمجة سخيفة غير قانونية تقول: ممنوع اصطحاب مأكولات من الخارج. أى أن الأكل والشرب متاح بشرط أن تشترى منا وليس من أحد خارج السينما، حتى لو كان الفرق فى السعر رهيباً. وللعلم فى بلاد ربنا المحترمة يقومون عند تقديم العروض الفنية إما بمنع الأكل والشرب بتاتاً أو إباحته بصرف النظر عن مصدر المأكولات والمشروبات، أما عندنا فإما أن تشترى منهم أو يمنعوك من الدخول!.

سامحنا يا عم هيتشكوك.. فإن قومنا لا يفقهون.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لا مؤاخذة يا هيتشكوك لا مؤاخذة يا هيتشكوك



GMT 09:03 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

شالوم ظريف والمصالحة

GMT 09:02 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

مسرح القيامة

GMT 09:01 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان... و«اليوم التالي»

GMT 09:00 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

لماذا توثيق «الصحوة» ضرورة وليس ترَفاً!؟

GMT 08:59 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

جهود هوكستين: إنقاذ لبنان أم تعويم «حزب الله»؟

GMT 08:57 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

الوجدان... ليست له قطع غيار

GMT 08:55 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

«فيروز».. عيونُنا إليكِ ترحلُ كلَّ يوم

GMT 08:54 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

ذكرى شهداء الروضة!

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 11:07 2020 الجمعة ,24 كانون الثاني / يناير

سعر الذهب في مصر اليوم الجمعة 24 كانون الثاني يناير 2020
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon