توقيت القاهرة المحلي 10:37:39 آخر تحديث
  مصر اليوم -

نشيد وطنى يدفع للنوم

  مصر اليوم -

نشيد وطنى يدفع للنوم

أسامة غريب

كلما استمعت إلى نشيد «بلادى» الذى لحنه سيد درويش منذ ما يزيد على تسعين سنة وجدت نفسى فى حال أقرب إلى الدهشة منى إلى الصحوة الوطنية أو الانتباه الناتج عن الحرارة المفترض أن يبعثها النشيد فى أوصالى.. ذلك أن نشيد بلادى فى الحقيقة لا يبعث فى أوصالى سوى الخدر والرغبة فى الاسترخاء والنوم، ولا أظن أن يونس القاضى حين كتب الكلمات وسيد درويش حين وضع اللحن كانا يقصدان شيئاً مما يحدث لى بفعل النشيد الرتيب الذى لا أراه أفضل ما قدم سيد درويش. ولقد كنت فى واقع الحال أشعر بالنشاط يدب فى كيانى وبالدم يسرى فى عروقى عندما كنت أشارك أثناء طابور المدرسة فى إنشاد السلام الجمهورى القديم وهو نشيد والله زمان يا سلاحى، الذى ألفه العبقرى صلاح جاهين، ولحنه كمال الطويل وشدت به كوكب الشرق أم كلثوم بعد العدوان الثلاثى عام 56 وتقول كلماته:

و الله زمان يا سلاحى/ اشتقت لك فى كفاحى. انطق وقول أنا صاحى/ يا حرب والله زمان.

أما نشيد «بلادى» فهو ينتمى لحالة مصر فى الربع الأول من القرن الماضى وقت أن كان سيد درويش يسعى للخروج بالغناء من حالته العثمانلية إلى الغناء المعبر عن أبناء البلد فى حالتهم العاطفية والاجتماعية والثورية. والحقيقة أنه أصاب كثيراً فى هذا الشأن عندما اعتمد على كلمات بديع خيرى صاحب الموهبة الفذة والذى كان لكلماته حلاوة السكر، غير أنه كان يرتد عندما يغنى كلمات أخرى ويبتعد عن الألق الذى صاحبه مع كلمات بديع.. ومن هذا النوع جاء نشيد بلادى الذى إذا تأملت كلماته تجدها ركيكة وخالية من الشاعرية وتشبه نظم التلامذة فى محاولاتهم الأولى، غير أن ارتباطه بثورة 19 ومشاعر الغضب ضد الاحتلال الإنجليزى وبراعة وموهبة سيد درويش جعلت الناس تندفع فى ترديده ولا تلتفت إلى ضعف الكلمات وتهافتها. لهذا فقد كانت دهشتى كبيرة حين قرر الرئيس السادات فى واحد من قراراته العجيبة أن يستغنى عن السلام الجمهورى الذى صنعه جاهين والطويل وأن يأتى بدلاً منه بنشيد بلادى. ولأن السادات كان مقتنعاً وقتها بأنه حقق السلام مع إسرائيل فقد قام بالاستغناء عن «والله زمان يا سلاحى» باعتبار أن الغناء للسلاح لم يعد يليق بعد معاهدة السلام وبعد أن قرر السادات من طرف واحد أن حرب أكتوبر هى آخر الحروب!.. لأجل هذا فقد استدعى الموسيقار محمد عبدالوهاب وأنعم عليه برتبة اللواء وذلك من أجل توزيع النشيد وقيادة الفرقة الموسيقية!.. من وقتها ظل النشيد ملازماً لنا ولم نستطع منه فكاكاً، مع أنه كان لنا فى السابق نشيد وطنى أجمل كثيراً هو اسلمى يا مصر من كلمات مصطفى صادق الرافعى ولحن صفر على وكان هو النشيد الوطنى منذ عام 1923 ويقول مطلعه:

اسلمى يا مصر إننى الفدا/ ذى يدٍ إن مدت الدنيا يدا.

والحقيقة أن هناك من الأغانى والأناشيد ما مس وجداننا وألهب حماسنا طوال جهادنا المتصل مثل الكثير من أغانى الثنائى نجم وإمام وغيرها، إلا نشيد بلادى الذى ما إن أسمعه حتى أجدنى راغباً فى أن أشد اللحاف وأحكم الغطاء وأروح فى النوم!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

نشيد وطنى يدفع للنوم نشيد وطنى يدفع للنوم



GMT 09:03 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

شالوم ظريف والمصالحة

GMT 09:02 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

مسرح القيامة

GMT 09:01 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان... و«اليوم التالي»

GMT 09:00 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

لماذا توثيق «الصحوة» ضرورة وليس ترَفاً!؟

GMT 08:59 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

جهود هوكستين: إنقاذ لبنان أم تعويم «حزب الله»؟

GMT 08:57 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

الوجدان... ليست له قطع غيار

GMT 08:55 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

«فيروز».. عيونُنا إليكِ ترحلُ كلَّ يوم

GMT 08:54 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

ذكرى شهداء الروضة!

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 11:07 2020 الجمعة ,24 كانون الثاني / يناير

سعر الذهب في مصر اليوم الجمعة 24 كانون الثاني يناير 2020
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon