مكرم محمد أحمد
فى رده على قرار الرئيس التركى رجب طيب أردوغان بالقبض على أكثر من 30 صحفيا تركيا معارضا، يشكلون كامل هيئة تحرير صحيفة الزمان بينهم أكرم دومانلى رئيس تحرير الصحيفة، أعلن الاتحاد الأوروبى فى بيان صدر عن بروكسل رفضه واستنكاره لقرار الرئيس التركى الذى يعادى الديمقراطية ويناهض القيم الأوروبية ومعاييرها، ويثبت بما لا يدع مجالا للشك أن أردوغان وحزبه العدالة والتنمية غير مؤهلين لعضوية الاتحاد الأوروبى ولا يرغبان فى الانضمام إليه!
وكما أن قرار الرئيس التركى زاد صورة أردوغان قبحا فى أوروبا والولايات المتحدة، وأثار تساؤلات عديدة حول إمكانية الإبقاء على تركيا عضوا فى التحالف الغربي، تسبب القرار فى تصعيد حملة المعارضة التركية التى تتهم أردوغان بالاستبداد والجنوح المتزايد نحو حكم الفرد، والخرق المستمر لمبادئ الديمقراطية والانقلاب عليها، فى الوقت الذى خرجت فيه المظاهرات تندد بمحاولات أردوغان إسكات صوت الصحافة، وتحذر من تنامى سطوته على جميع وسائل الإعلام وعلى البرلمان التركى وعلى مؤسستى القضاء والأمن اللتين تعرضتا أخيرا لعملية تصفية شاملة، أبعدت عشرات القيادات وأطاحت بجميع المسئولين الذين شاركوا فى ضبط جرائم فساد أردوغان وولده بلال وفساد وزرائه وعائلته عندما كان رئيسا للوزراء.
والواضح من تصرفات الرئيس التركى الأخيرة، ورده العصبى على الاتحاد الأوروبي، أن أردوغان يحس أنه فقد الجلد والسقط كما يقولون، لأن الأوروبيين لن يقبلوا تركيا أردوغان عضوا فى الاتحاد الأوروبي،كما فقد أردوغان مكانته فى العالم العربى بعد معركته الخاسرة مع مصر التى أطاحت بحلمه البديل باستعادة الخلافة العثمانية عبر تحالفه مع جماعة الإخوان المسلمين!، ولأن أردوغان فقد الاختيارين، ولم ينجح فى إكساب تركيا هويتها البديلة كدولة إسلامية تستعيد امبراطوريتها القديمة من خلال الخلافة العثمانية التى كانت مثالا للتخلف والاستبداد، تعوضها عن الرغبة فى الانتماء للاتحاد الأوروبى الذى بات أمرا متعذرا بسبب سياسات أردوغان، يتصرف الرئيس التركى برعونة وعصبية بالغة تكشف عن أزمة داخلية عميقة، تثير قلق غالبية الأتراك خوفا من نزوع أردوغان المستمر الى المزيد من الفردية والاستعلاء والتسلط التى ضاق بها الشعب التركي.