بقلم مكرم محمد أحمد
قدم د.أحمد الطيب شيخ الجامع الأزهر فى خطابه أمام البرلمان الالمانى الاسلام إلى العالم الغربى فى أبهى صورة خاطبت العقل الانسانى بالحكمة والموعظة الحسنة والعقلانية الرشيدة، مؤكدا ان اسلام المسلم لا يكتمل دون ايمانه بكل الرسالات السماوية وجميع الانبياء، موسى وعيسى ومحمد، مستندا فى حججه إلى آيات محكمات من القرآن الكريم لا تحتمل التأويل، تلخص جوهر الدين الحنيف على نحو معجز يقطع الشك باليقين.
لم يقدم الشيخ الطيب خطابا حماسيا يقوم على جزالة اللفظ والاسلوب، لكنه قدم بلغة هادئة رصينة دراسة شيقة، تناولت كل القضايا الخلافية التى أساء الغرب فهمها فى الاسلام، ابتداء من معنى الجهاد الذى يحرم على المسلم قتل غير المسلم إلا دفاعا عن النفس، لان الاسلام لا يأمر المسلمين بالجهاد المسلح ولا يحضهم عليه إلا فى حالة التصدى للحروب التى يشنها أعداؤهم عليهم، إلى ضرورة الاعتراف بالتعدد الذى هو سنة الكون، يلزم المسلمين التعارف على غيرهم من الامم والشعوب وتبادل المنافع والمصالح،إلى الاعتراف بالاخر الذى لا يمنع المسلم من الزواج بنصرانية أو يهودية مع الإبقاء على حقها فى الحفاظ على دينها، لا يحل له أن يمنعها من الذهاب إلى الكنيسة او المعبد، إلى مكانة المرأة فى الاسلام التى لها نفس حقوق الرجل وعليها نفس واجباته لان النساء شقائق الرجال كما قال الرسول الكريم، إلى حرية الاعتقاد لأنه لا إكراه فى الدين ومن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر، ولان التاريخ لم يسجل على المسلمين فى البلاد التى حكموها حالة واحدة خير فيها اهل البلاد بين اعتناق الاسلام أو السيف..،ويبلغ خطاب الشيخ الطيب ذروة العقلانية وهو يفند العلاقة بين الاسلام والارهاب، داعيا المجتمع الدولى وكافة الاديان إلى تكتيل جهود الانسانية للقضاء على هذا الوباء بمد يده إلى الجميع بالحب والود والتعاون.
ومسك الختام فى خطاب الشيخ دعوته للمسلمين الذين يعيشون فى اوروبا واصبحوا جزءا من النسيج الاوروبى إلى مراعاة قيم المجتمعات التى يعيشون على ارضها ومصالحها العليا وتقديم صورة مماثلة من الاسلام وتعاليمه السمحة التى تحض على قبول الاخر واحترامه وحسن التعايش معه..، ولان خطاب الشيخ الطيب هو أكمل دفاع عن الاسلام يتحتم ترجمته إلى جميع لغات العالم بحيث يصبح متاحا لكل من يريد ان يفهم حقيقة الدين الحنيف..، وأظن أن هذه هى مهمة الأزهر متعاونا مع الخارجية المصرية.