مكرم محمد أحمد
هل يعني تجديد الخطاب الديني أن يتفق الأزهر والاوقاف علي نموذج لخطبة يوم الجمعة، يتم توزيعه علي الدعاة لإلقائه علي مسامع الناس تجنبا لاي اجتهاد يمكن ان يخرج صاحبه عن صحيح الدين،
خاصة ان النص القرآني يحفل بكثير من المتشابهات التي يمكن أن تقبل اختلاف التأويل..،لو صح ذلك، يصبح الخطاب الديني مجرد استظهار لنصوص معادة تفتقد روح الدين الصحيح، وتنبض برتابة مملة تفقد الخطاب الديني قوة الاقناع وحرارة الايمان، لايخرج من القلب إلي القلب مهما تحسن صياغته!.
صحيح ان تجديد الخطاب الديني يعني احكام بلاغته بما يجعله مطابقا للفطرة الصحيحة، يتوافق في اول شروطه مع العقل الذي ميز به الله الانسان اكمل مخلوقاته،وامره بأن يتأمل ويتدبر ويفكر ويحسن استخدام عقله للتمييز بين الخطأ والصواب والغث من الثمين،لان ما لايقبله العقل يصعب ان يكون من الدين، إن أحسن الإنسان التمييز بين الخرافة التي تمثل خروجا عن النص القرآني الصحيح، والمعجزة الدينية التي اختص بها الله بعض أنبيائه، بحيث يمكننا القول ان شرط الخطاب الديني الصحيح ان يكون رشيدا ينبذ الخرافة ولا يناقض العقل الذي أمر الله بحسن استخدامه، ولايقبل بـتأويل كاذب يحبذ الجريمة ويحض علي القتل، لان عدوان المسلم علي المسلم محرم في جميع الاحوال،اما عداون المسلم علي غيرالمسلم فله شروطه الصارمة التي تجعله مقصورا علي الدفاع عن النفس ورد الظلم والاستعباد.
ويدخل ضمن تجديد الخطاب الديني ان يلتزم ضمن اول اهدافه تحقيق مصالح العباد،لان تحقيق مصالح العباد يشكل واحدا من اهم مقاصد الشريعة واكثرها اولوية ومدعاة للالتزام، يسبقه فقط دفع الضرر عن الناس لان دفع الاضرار مقدم علي جلب المنافع، بما جعل إماطة الاذي عن الطريق من اول واجبات الانسان المسلم، فما بالك بمسئوليته عن اخيه الانسان، ومن ثم فإن كل ما يضر مصالح العباد يدخل في دائرة المحرمات التي ينبغي ان يرفضها الخطاب الديني بوضوح قاطع.
وآخر شروط الخطاب الديني الصحيح الايمان بكل الرسل لانفرق بينهم احدا لان جميع الرسالات السماوية ترفض الكفر وتعلي في جوهرها عقيدة التوحيد،ويدعو جميعها إلي مكارم الاخلاق، ويعتبر الحق والخير والجمال مرجعيات رئيسية لحياة طيبة علي الأرض يرضي عنها الله.